ماجدة السويِّح
اجتمع العديد من المختصين بالبيانات في «هاكاثون ذكاء» كأول دوري تقني رياضي، لاستخدام البيانات والتحليل الرياضي لنتائج المباريات، والتنبؤ بالفائز قبل المباراة.
يتم عمل الفرق المتنافسة بالاعتماد على نتائج الفرق وأداء اللاعبين وغيرها من البيانات الضخمة، التي يتم جمعها في مباريات كرة القدم بالدوري، ويستخدم المبرمجون تقنيات الذكاء الاصطناعي، لتوقّع نتائج مباريات كرة القدم مثل فوز أحد الفريقين أو تعادلهما، وهو ما حدث بالفعل، نجح فيه البعض وأخفق فيه آخرون، فعلى الرغم من تنبؤ البعض بناءً على البيانات المحلّلة بفوز الهلال، جاء الواقع مغايراً للنتائج المحلّلة.
ربما لأن العينة المستهدفة بالتحليل، لم تعبّر عن الشارع الرياضي بدقة، فكم من مشجع أو صاحب صوت مؤثّر، قد يكون رقماً مفقوداً في وسائل التواصل الاجتماعي، في حين تغيب أصوات عن الفضاء الإلكتروني، تمثِّل ثقلاً لا يُستهان به في التحليل والتوقّع، نجد أصوات الفريق المنافس بكثرة في الشبكات الاجتماعية، وهو ما يؤدي إلى استنتاجات خاطئة وتحليلات غير دقيقة.
يعظم البعض من دور صحافة البيانات، وقدرتها على الاستنتاج، ودورها في تحقيق الموضوعية، وتحقيق الحيادية كما يرى المتفائلون. لأن البعض يرى أن الأرقام لا تكذب، ويمكن أن تكون مجردة من الأهواء والتحيّز، فهل هذا صحيح؟! ويعكس ما نراه؟!
لعل من أهم مزايا صحافة البيانات أنها تتيح للصحفيين معالجة مجموعة كبيرة من المعلومات بشكل موضوعي بعيداً عن التعصب أو التحيّز. لكن هل يعني هذا أن صحافة البيانات دقيقة وغير قابلة للخطأ؟!
بالطبع لا، لأن صحافة البيانات عرضة للخطأ البشري، والتحيزات والمغالطات، فقد توضع تلك البيانات في سياق غير سياقها المفترض، وتستخدم في الوصول لاستنتاجات غير صحيحة ودقيقة.
فكما تشكو الصحافة من ممارسات غير أخلاقية، كذلك صحافة البيانات قد تحيط بها ممارسات غير صحية وأخلاقية، فعلى الصحفي أن يتجنب اتباع طرق غير شرعية للحصول على المعلومات، كاستخدام بيانات مسروقة من الإنترنت، أو اختراق حسابات شخصية للقيام بعمله.
أيضاً على الصحفي أن يتذكّر أن هناك أشخاصاً يعبّر عنهم بأرقام، وقد تكون خلف تلك الأرقام ضحايا، يجب التفكير فيهم قبل المسارعة بنشر البيانات، دون التفكير بما وراءها من كوارث وقصص مأساوية، على سبيل المثال الصحفية شيريل فيليبس عندما كانت تعمل في سياتل تايمز آثرت تأجيل نشر خريطة بيانات متعلّقة بانهيار طيني مدمر أودى بحياة 43 شخصاً، مراعاة لحالة أهالي الضحايا، وتفادياً لتأثير تلك المعلومات القاسية عليهم، فلا سبق وبيانات تعلو أهمية على القيم المهنية والإنسانية في التعامل مع الكوارث.
وقد تم نشر الخريطة للمنازل المنهارة بعد أسبوع واحد من وقوع الحادثة مع تقارير موسعة وقصص إنسانية مؤثّرة، مع مراعاة الجانب الإنساني والخصوصية في نشر البيانات وصور الضحايا.
البيانات في النهاية هي أداة لا بد أن تخضع للعملية الصحفية من أسس وقواعد مهنية وأخلاقية، وأن تتجرّد من التلوين والميول ليتم الاستفادة من قدرتها على التحليل والتنبؤ بموضوعية.