عبدالعزيز السماري
أصبح التسلط أو التنمر حديث العصر، فقد أدرك الإنسان أن سلوك تخويف الآخرين وخصوصاً الأطفال وترويعهم يؤدي إلى متغيرات سلوكية في عقل الإنسان، وقد يتحول لاحقاً إلى متسلط وعنيف ضد الآخرين، والتسلط هو الوجه اللاعقلاني للتواصل، مقابل العقلانية والتواصل الإيجابي.
منذ الصغر كنت ألاحظ سلوك بعض الأطفال العنيف، ويظهر ذلك في المدرسة من خلال ضرب الآخرين أو تخويفهم، أو في الشارع من خلال ضرب العمال وملاحقة القطط والكلاب، وكان أمراً غير مفهوماً لي آنذاك، لكن مع مرور العقود وتنامي الوعي بالتسلط وآثاره السلبية على المجتمع، بدأنا ندرك أن انتشار مثل هذا السلوك يعني أن ثمة أمور مشابهة حدثت للضحية في الماضي.
يعتبر التسلط أو التنمر أو المضايقة جزءًا من التجربة اليومية للعديد من أطفال المدارس، ويمكن أن تتخذ أشكالًا متعددة، فالتنمر مستمر ويجب على الطلاب معرفة كيفية التعامل مع هذه الظاهرة، ولذلك يحتاجون الطلاب في المدارس للتثقيف حول هذا السلوك، والذي قد يحدث بدون وعي الضحية، فقد يكون تعرض لمختلف أنواع الضرب والتسلط في المنزل أو الشارع.
يشمل سلوك التسلط والمضايقات أي سلوك مهين أو عدائي أو مسيء، أو تعليق من جانب شخص تجاه شخص آخر، مما يتسبب في تعرضه للإهانة أو التهديد أو الإيذاء دون مبرر، ومن الأمثلة النموذجية على التسلط والمضايقة العدوان اللفظي والصراخ والتحرش الجنسي، وأيضاً نشر الشائعات الخبيثة، ودعوة شخص ما إلى أسماء مهينة بشكل تقليدي أو استخدام صور نمطية مهينة لوصفها، ومنها البلطجة الإلكترونية» من خلال البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية أو وسائل التواصل الاجتماعي؛ وقد يكون المطاردة ويعني إخضاع الفرد لنقد متكرر غير مرغوب فيه، أو إخضاع شخص ما للسخرية العامة، ومنها إلقاء اللوم على إعاقة شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة..
أصبح التسلط موضوعًا ساخنًا على مدار الأعوام الأخيرة، ودعا المختصين والمشاهير إلى تغيير الطريقة التي يُعامل بها الناس، لا سيما في الفصل الدراسي وعلى وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها من مجالات الحياة، وفي هذه المرحلة، أصبح المعيار لكل مدرسة لديها سياسة ومنهج ضد التنمر، حيث قد يواجه الطلاب التعليق دراسياً بعد الإبلاغ عن أي تنمر ضد زملائه، وقد يكون من الأفضل معرفة الأسباب التي جعلته متسلطاً..
ويعني ذلك أنه من الضروري أن تكون هناك ضوابط لسلوك التنمر، وتشجيع على السلوك المتحضر والتواصل من خلال الطرق الإيجابية، والموقف من التنمر والتسلط وانخفاض نسبة بين فئات المجتمع يفتح الباب إلى دخول بوابة مجتمع السلم والتعايش، كما يؤدي تجاهله إلى زيادة العنف بين الناس وهي أحد وجوه السلوك الفوضوي، ولهذا يجب أن يكون المدرس ورجل الأمن والأب والقاضي وجوه للسلوك الحميد والمسالم..
كما يجب على كل مؤسسة أن تضع سياسة ضد سلوك التسلط بين الموظفين، ويكون الغرض من هذه السياسة هو التواصل مع جميع الموظفين، بما في ذلك المشرفين والمديرين والمديرين التنفيذيين، وتنص أن الشركة لن تتسامح في أي حال مع سلوك التنمر، وسيتم ضبط الموظفين الذين يكتشفون انتهاكًا لهذه السياسة، بما في ذلك إنهاء الخدمات..
قد يخفى على الكثير هذا السلوك المشين، لكن حاول أن توقف قليلاً، وراقب من حولك في المنزل أو الشارع أو المدرسة أو مكان العمل، وستجد أنها ظاهرة تستحق الاهتمام، وأنها قد تمثل الحلقة المتواصلة في إذكاء العنف بين الناس، ولذلك لابد أولاً من نشر الوعي حولها، وتشجيع الناس للحديث عن تجاربهم السابقة في التسلط أو التنمر أو البلطجة ..سمّها ما شئت، لكني أكاد أجزم أنها منتشرة في مجتمعاتنا العربية لدرجة التسمم..