سعد بن عبدالقادر القويعي
في الندوة التي عقدت في المنامة -قبل أيام-، عن استغلال تنظيم داعش الإرهابي للمعتقدات المتطرفة في استقطاب، واجتذاب الشباب، والتي نظَّمها المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، استعرض -الدكتور- محمد السبيعي اجترار منظري الإرهاب المتأسلم الأربعة المعاصرين لوصايا السيد قطب، وأبي الأعلى المودودي، حيث تطرق إلى أوجه الشبه في خطاب كل من أبي محمد المقدسي، وأبي بصير الطوسي، وأبي قتادة الفلسطيني، وأبي مصعب السوري لما أورده قطب، والمودودي في وصاياهما لمن جاء بعدهما، وتأثر بفكرهما، كون: «محاور الشبه في خطاب المنظّرين الأربعة اشتركت في خطوات أربع، هي: إذكاء الحنين إلى صفاء الفطرة في العهد النبوي، وعهد الخلفاء الراشدين الأربعة، واتهام الاستعمار بالعودة في ثوب الديمقراطية، ثم اتهام حكام المسلمين باستبدال حكم الله بموالاة الغرب الكافر، فإعلان الجهاد بالقتال كفرض عين؛ للاستيلاء على الحكم»؛ الأمر الذي يبرز -في تقديري- هزالة مبررات الفكر الإخواني، باعتبار أن الحالة الحكمية في الفقه الإخواني تمثل سياق الضرورة، ومن ثم يلتفت عليها متى رأى أن حالتها ارتفعت، وهو ما يبرر وقائع غدره، وإرهابه.
تتطلب قراءة هذا المشهد، الوقوف على التغيرات الفكرية التي تفضح واقع جماعة الإخوان المسلمين؛ إذ كشف مركز الحرب الفكرية التابع لوزارة الدفاع السعودية العديد من الأخطاء -العقدية والسياسية- المهددة لأمن، واستقرار المجتمعات العربية، وذلك من خلال تغييرات - ديموغرافية وأيديولوجية -، وبما طرأ بشأن العلاقات - التنظيمية والحركية - التي تربط جماعة الإخوان بتنظيمات السلفية الجهادية، وفي مقدمتها: القاعدة، وداعش، وإقامة ما أسمته بالدولة الإسلامية الواحدة على نظريات التطرف، والتي أسس لها الدستور الإخواني؛ لتحقيق زعامتها بالهيمنة على الفضاء الأيديولوجي التكفيري، والمنتشر في العالم، وارتكازه على عدم السمع، والطاعة إلا لمرشديه، وإن لم تنعقد لهم ولاية؛ لضلال الخلق عن إقامة الدولة الإسلامية الواحدة على نظرياتهم، كما يرشد أتباعه بالتعايش البراغماتي في زمن غياب دولته المنتظرة، مع مضي التنظيم في تحقيق أهدافه، وقاعدته الشهيرة التي يسير عليها: «الغاية تبرر الوسيلة»، -إضافة- إلى التفريق بين التعايش الحكمي، والتعايش الحقيقي؛ فالأول ضرورة تحكم حالة غياب الدولة المنتظرة، والثاني عند قيامها.
بناء على معطيات الواقع، فإن مظاهر الفكر الإخواني يتلخص في تناقضه مع مبادئه -من جهة-، ومع واقع، وممارسة الجماعة -من جهة أخرى-؛ من أجل السعي للوصول إلى الحكم، وتوسيع رقعة الأتباع، وذلك نتيجة النزعة العقلانية في الموقف من نصوص -الكتاب والسنة-، والإيمان بنزعة عصرنة الدين، وتطويره؛ حتى يتوافق مع متطلبات العصر بلا قيود، أو ضوابط شرعية، بجانب رعاية، وتبني مشروع تمدده، وانتشاره في دول العالم للغرض نفسه، -سواء- عن طريق الاستقطاب، أو التجنيد؛ لتنفيذ عملياتها الإرهابية بشكل مباشر من خلال أفراد، وخلايا تابعة للجماعة، أو غير مباشر من خلال فصائل تنتمي للسلفية الجهادية؛ نظرًا لأهميتها، وحيويتها في النشاط السياسي لأي فصيل حزبي.