عروبة المنيف
أتتني باكية، منهارة، تشتكي زوجها الذي شارف على الستين، بأنه يريد الزواج من امرأة ثانية «عشرينية». حجته إنجاب الأطفال، لأنه يحبهم، فهو يحب العزوة!. على الرغم من أن زوجته كانت قد أنجبت له ثلاثة أطفال!، أصغرهم في سن المراهقة، فهي لا تستطيع الإنجاب الآن، لأن عمرها لا يسمح لها بالمجازفة وتعاطي هرمونات الخصوبة. هو لا يريد لابنه أن يعيش وحيداً بدون أخ!. فأحفاده لن يكون لديهم عم!. لقد حمل نفسه هم ذريته من بعده!. هدأت من روعها وقلت لها لعلها نزوة وتذهب في حالها، ولكنها أكدت لي هوسه في الإنجاب وفي تربية الأطفال!، لأعيد سؤالي، في هذه السن؟!.
يخطئ الكثيرون ممن يعتقدون بأن المرأة فقط عندما يتقدم بها العمر تشيخ بويضاتها وتقل فرص الإنجاب لديها، أو تزيد فرص إنجابها لطفل غير صحي، بينما الرجل كالمرأة تماماً في قضية الإنجاب، فالحيوانات المنوية هي أيضاً تشيخ وتؤثر على سلامة الجنين. لقد أثبتت العديد من الدراسات أنه مع تقدم الرجل بالعمر تتراكم الطفرات والأخطاء الجينية في نطاف الرجل ما يسمح بعبور المزيد من تلك الطفرات والاعتلالات إلى الجنين، فهناك تأثير مشترك «لعمر الزوجين» على صحة الأجنة وإصابتها بالأمراض، فلم يعد تقدم عمر الزوجة فقط سبباً لإلقاء اللوم عليها سواء في فشل الحمل أو في الحصول على طفل سليم، فالساعة البيولوجية مقلقة للجنسين. فكلما تقدم الرجل في السن، كلما قلت فرصته في الإنجاب أيضاً، كالمرأة تماماً، نتيجة انخفاض هرمون التوستيرون لديه فتقل خصوبته، وتتأثر كمية وحجم الحيوانات المنوية وتنخفض قدرتها على الحركة لتلقيح البويضة ما يؤدي لحدوث طفرات وتشوهات جينية. إن عمر الرجل له علاقة باحتمالية إصابة الجنين بأمراض القلب والتوحد والصرع والأمراض النفسية وبعض أنواع السرطانات. ولقد كشفت دراسة ألمانية حديثة أيضاً أن تقدم عمر الأب خاصة بعد عمر الخامسة والأربعين يرفع خطر إصابة الجنين ببعض الأمراض وبأن الخطر ينتقل للأم أيضاً حيث يرتفع لديها خطر الإصابة بسكري الحمل نتيجة تدهور جودة الخلايا الجذعية المسؤولة عن إنتاج الحيوانات المنوية مع التقدم في العمر.
لطالما كانت النزوات والغرائز، هي السبب في الزواج بأخرى، وأي حجج في العادة يدرجها الرجل لتبرير تلك الخطوة، تكون شماعة يستخدمها لإخفاء نزواته.
ننسى أو نتناسى مشاعر الزوجة، وكيف ستحتمل مشاركة امرأة أخرى لزوجها. فالرجل لا يخطر على باله أن يضع نفسه مكانها. لقد حادثتني إحداهن، ممن تزوج عليها زوجها بأخرى، مع أنه لا ينقصها لا جمال الوجه ولا حلاوة اللسان ولا خفة الروح، وقالت لي، «لقد دربت نفسي على تبلد مشاعري، فلم يعد يعنيني ذهابه إليها»!. تأملت كلامها وتساءلت؛ هل يستطيع الإنسان أن يتحكم بمشاعره؟ طبعاً يستحيل ذلك، لنختبر زيادة في الأمراض النفسية والجسدية.
أتمنى أن يقرأ زوج تلك السيدة الذي يريد التعدد «بحجة الإنجاب» هذا المقال لعل المعلومات الواردة فيه والتي تخص خطورة الإنجاب بسن متأخر للرجال، تقنعه بالعدول عن ذلك! ولكن تبقى النوايا في دواخلنا هي المحرك، «فمن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر اليه».