فهد بن جليد
من النكات العابرة التي تتردد هذه الأيام، ضرورة مُخالفة «الكفار» الذين يروِّجون للكذب في شهر أبريل فقط وذلك بالكذب طوال العام، يبدو لي أنَّ مفهوم «كذبة أبريل» عند الغرب أوسع من ذلك، فهو قريب من مفهوم «الذَّهانة» عند بعض «ربعينا» ممَّن في حياتهم وتعاملاتهم ما هو أكبر وأعظم من أبريل، باعتبار أنَّ الخواجات يكذبون بشكل «فردي» في أبريل وفي غير أبريل، ولكنَّهم يتواصون فيما بينهم بأنَّهم صادقون بقية أشهر العام ويوهمونَّنا بذلك، حتى بدا لنا شهر أبريل كحمَّال الأسية بالنسبة للأشهر الأخرى التي اختبأ الكذب بين أيامها ولياليها.
أبريل في كل عام هو فرصة بالنسبة لي شخصياً، كي أراجع مفهوم أطفالي والمحيطين بي حول مفهوم وتعريف الكذب عندهم، فهذا التعريف كما أفهمه يحتاج مراجعة وصيانة سنوية دورية في أذهان البعض حتى لا يتناساه مع كثرة الاختلاط بأصحاب المفاهيم الغريبة الذين يستخدمونه طوال العام، فما زال في ثقافتنا خلل لا بد من الاعتراف بوجوده ومواجهته، ومُحاولة التخلص منه بالتكاتف والتعاضد والوقوف في وجه الكاذب والمُحتال وعدم «شرعنة كذبه وتزييفه» بنعت صاحبه «بالذيب» تارة، و»الرجال» تارة أخرى ، و»الكفو» لأنَّه حقق ما يُريد بالتحايل والفهلوة والكذب والخداع، بل يجب ردع مثل هذه المُمارسات الخاطئة من قبل جميع شرائح المجتمع، الذي عليه أن يقف في وجه صاحب تلك المهارات الشيطانية التي تتنافى مع الأخلاق والدين، ليلتزم بالأنظمة والآداب وعدم التحايل عليها، فالتصفيق والإشادة واللجوء في بعض الأحيان إلى الاستعانة بمهارات هؤلاء لإنجاز حاجاتنا وتخليص أمورنا، هو الذي جعل أيامًا كثيرة في حياتنا تنتمي لشهر أبريل.
شعور مُحزن عندما يتكاثر الكذب من حولك باعتباره شجاعة وذكاء وفطنة، ولم يعرف على مرِّ التاريخ والعصور أنَّ الفرسان والنبلاء والشجعان كانوا يكذبون، بل العكس كان من الخصال المذمومة والمنهي عنها ديناً وعُرفاً، فزينة الشجاعة والنبل والفراسة الصدق والالتزام بالكلمة والدفاع عنها، وهو ما لن يعرفه ويفهمه «الإبرليون» طوال العام.
وعلى دروب الخير نلتقي.