د.ثريا العريض
قبل 3 أعوام افتتح الرئيس الهندي نياندرا مودي بنفسه المؤتمر الدولي المهم؛ المؤتمر الثاني لغرب آسيا في نيودلهي حول مستقبل العلاقات الاقتصادية الآسيوية العربية في مرحلة ما بعد الربيع العربي, وشاركت فيه بدعوة من مركز الأبحاث والدراسات الإستراتيجية في وزارة الدفاع الهندية.
وفي المؤتمر أكد الجميع أهمية دور المملكة في مستقبل المنطقة الآسيوية كلها سواء من حيث ارتباط اقتصاد الدول المصدرة للعمالة بسلامة اقتصاد المملكة واستمرارية مشاريعها التنموية, أو من حيث دورها كمصدر للطاقة. تناولت أوراق المشاركين العلاقات بين آسيا وبالذات غرب آسيا ومنطقة الخليج. وطرح كل باحث رؤيته للأحداث في الشرق الأوسط ومسبباتها, والعلاقات بين بلده ودول الخليج، وما يتوقّع أن يحدث من تداعيات هبوط أسعار النفط ورفع الحظر عن إيران وإجازة برنامجها النووي. وذكر كثير من المتحدثين الصهيونية وتأسيس إسرائيل كأول مسبب لقلقلة المنطقة والغضب العربي, وكذلك ربطوا أحداث الربيع العربي باستبداد الأنظمة وغليان الشعوب, وأنها ثورات للتصحيح الاجتماعي اختطفتها التنظيمات المسيسة متدثرة بغطاء ديني ثم تحولت إلى تنافس تناحري بين الأذرع المختلفة ضرب الاقتصاد وشل مشاريع التنمية. وذكر المشاركون صراع القوى العظمى للسيطرة على المنطقة وآخر مظاهره دخول روسيا إلى المنطقة لدعم الأسد في سوريا.
تكلمت في ورقتي عن جهود المملكة العربية السعودية في محاربة الإرهاب, وتجفيف مصادر دعمه, وتمسكها بالحفاظ على وحدتها وحماية حدودها، وجدية التصدي لأي محاولة من إيران أو أي جهة أخرى للتدخل في الشؤون الداخلية وتأجيج الصراع المذهبي، كما تطرقت إلى الأسس التي وضعها الملوك الأسبق منذ عهد المؤسس عبد العزيز- رحمهم الله- لإحلال الوسطية والاعتدال بدل الغلو كمنهج للتعامل، وإلى المستجدات في عهد الملك سلمان- حفظه الله-, تنظيمياً واقتصادياً, ومشروع برنامج التحول الوطني لتجاوز الأزمة الاقتصادية واستدامة التنمية. وأشرت وقتها إلى المشاريع القادمة وإستراتيجية تنويع مصادر الدخل ومنها الاستثمار والتعدين والتصنيع, بالإضافة إلى الخصخصة وترشيد الإنفاق ورفع الدعم عن ذوي الدخل العالي, ومحاربة الفساد الإداري والهدر, بعيداً عن استمرارية دور الدولة الريعية المعتمدة على النفط فقط, ورغبتها في بناء اقتصادها على قواعد ثابتة قابلة للنمو المستقبلي. وركزت على أن وجود نشاط سلبي متصاعد في المنطقة لمنظمات مؤدلجة, ودول تتدخل في شؤون الآخرين, هو في النهاية سعي للهيمنة السياسية والاقتصادية, لا يهدّد فقط استقرار الدول التي تنشط فيها هذه المنظمات, بل يهدّد استقرار العالم كله حتى في الجوار البعيد؛ فها هم المنضمون لداعش يؤسسون خلايا تخطط في بلجيكا وتضرب في فرنسا غرباً, وفي جاكرتا شرقاً. هم في النهاية قطيع درِّب على التوحش. قطيع من ساديين يحطمون أمن المنطقة وحدودها لتتحقق نتائج عدة أهمها تشويه صورة المسلمين، ولفت الأنظار بعيداً عن إرهاب إسرائيل للفلسطينيين. وهم يتولون إنهاء قوتهم العسكرية بالتناحر حتى الفناء والتفتيت إلى قطع لا قوة لها، حيث تم التصدع في مناطق الضعف في تكوينها الأصلي ومكوناتها الإثنية والمذهبية والدينية.
في نهاية المؤتمر عبَّر الجميع عن أملهم وتفاؤلهم بأن الأوضاع ستتحسَّن وأن التعاون مطلوب, عدا الباحث الإسرائيلي الذي تنبأ بأن الأمور ستكون أسوأ ولعل ذلك كان شعوراً رغبوياً. وسنتابع الحوار..