خالد بن حمد المالك
مثلما أن القمة العربية تنعقد في تونس بانتظار ما سيقوله رئيسها للدورة المنتهية، الملك سلمان في كلمته وهو يسلم رئاستها إلى رئيس الدورة الجديد وأعني به الرئيس التونسي، حيث انتهى عام منذ عقد القمة في المملكة، فإن فرحة الشعب التونسي بزيارة الملك سلمان لبلادهم متبوعة بانعقاد القمة العربية، شكلت حدثاً بالغ الأهمية ومناسبة تاريخية خالدة لن ينساها الشعب التونسي الشقيق.
* *
فقد تم تكريم الملك، والاحتفاء به، في أكثر من مناسبة، وأكثر من مشهد، وعبرت تونس عن ذلك بالكلمة والصورة، والمظاهر في شوارعها وميادينها، وقدمت له ما ينم عن محبتها، وعرفانها بمواقفه المشرفة منها، وجاء ذلك ترجمة لما نعرفه من ود ومحبة بين الدولتين والشعبين الشقيقين.
* *
في القمة العربية، كان اللافت للنظر حضور الملك سلمان على رأس الوفد السعودي ليضع القادة العرب أمام مسؤولياتهم، في تحمل كل منهم ما هو مطلوب منه، في مرحلة تتطلب من الجميع التآلف ووحدة الكلمة، والحرص على تجنب ما يؤذي دولنا وشعوبنا، وألا تنساق أي دولة وراء السراب عن جهل، أو سوء فهم لمصالح شعبها.
* *
وفي الزيارة الملكية لتونس، كانت اللقاءات الثنائية مع المسؤولين، ومع قادة المؤسسات، وتم ترجمة ذلك من خلال مراسم الاستقبال على أعلى مستوى، وتقليده الصنف الأكبر من وسام الجمهورية التونسية، ومنحه شهادة الدكتوراة الفخرية من جامعة القيروان، والمفتاح الذهبي لمدينة تونس.
* *
ومن جانبه، فقد أطلق خادم الحرمين الشريفين، والرئيس التونسي محمد الباجي قايد السبسي ثلاثة مشروعات بالجمهورية التونسية، أحدها لترميم جامع عقبة بن نافع، والمدينة العتيقة القيروان، والثاني مشروع الملك سلمان لترميم جامع الزيتونة المعمور، والثالث لمشروع إنجاز وتجهيز مستشفى الملك سلمان الجامعي في القيروان.
* *
وفي مؤتمر القمة العربية، كانت كلمة خادم الحرمين الشريفين هي الأبرز، فقد ركز في كلمته على القضية الفلسطينية، مؤكداً أنها ستبقى على رأس اهتمامات المملكة حتى يحصل الشعب الفلسطيني على جميع حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها دولته المستقلة على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وجدد الملك سلمان تأكيده ورفضه لأي إجراءات من شأنها المساس بالسيادة السورية على الجولان، مؤكداً أهمية الحل السياسي للأزمة السورية، تضمن أمن ووحدة وسيادة سوريا، ومنع التدخل الأجنبي في شؤونها.
* *
وفي الشأن اليمني، أيد الملك جهود الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي وفق المرجعيات الثلاث، مطالباً المجتمع الدولي بإيقاف العدوان الحوثي المدعوم من إيران، دون أن ينسى الأزمة الليبية، فقد أكد حرص المملكة على وحدتها وسلامة أراضيها، وأن المملكة مع الحل السياسي لها.
* *
ونادي بضرورة مكافحة الإرهاب والتطرف، وأن ما حدث للمسجدين في نيوزيلندا يؤكد أن الإرهاب لا يرتبط بدين أو عرق أو وطن، وأن المملكة سوف تواصل جهودها ودعمها للجهود في هذا الشأن، وأن السياسات الإيرانية في هذا الشأن تشكل عدواناً صارخاً لكافة المواثيق والمبادئ الدولية، وأن على المجتمع الدولي أن يقوم بمسؤولياته تجاه مواجهة هذه السياسات الإيرانية.
* *
وهكذا رأينا أن الأيام التي قضاها الملك سلمان في تونس بين زيارة رسمية لها، وبين رئاسة وفد المملكة، كانت غنية بالأحداث والإنجازات المهمة، وأن اللقاءات مع القيادات التونسية خلال الزيارة، ثم اللقاءات الثنائية خلال مؤتمر القمة العربي شكلت أهمية بالغة في النتائج التي تم التوصل إليها قبل أن يعود خادم الحرمين الشريفين إلى بلاده.