عبد الله باخشوين
تاريخ بدايات كرة القدم السعودية يؤكد لنا أن (الجاليات) الموجودة في مكة المكرمة وجدة لعبت دورًا كبيرًا في سنوات البداية، وخصوصًا الجالية السودانية التي تمركز معظم لاعبيها في النادي الأهلي، وكان اللاعب القدير (علي حمزة) آخر من غادر (تشكيلة) النادي الأهلي بعد سنوات طويلة من اللعب في مراكز مختلفة، و(علي كبر) كان (الكابتن) الذي يغطي مراكز المصابين، وخصوصًا في (الدفاع)، ولم يغادر تشكيلة النادي الأهلي إلا بعد أن أصبح عاجزًا عن الركض تقريبًا. ولا أذكر من أسماء اللاعبين سوى اسم (جونجا) الذي كان بعضنا يحرص على أن نطلق عليه اسمه، فإذا سجل أو راوغ تجدنا نهتف (يا واد يا جونجا) رغم أننا - طبعًا - لم نشاهد لعبه إلا بـ(آذاننا) عبر الوصف الذي نسمعه من المعلق في الراديو.
وفي مكة المكرمة كان أبناء الجالية (الإفريقية) يضمهم نادٍ واحد، اسمه (الشبيبة)، غير أنهم توزعوا بين الأهلي والاتحاد والوحدة بعد إلغاء النادي، وأبرزهم (الأوزة) في الوحدة، و(النور موسى) في الاتحاد. أما نادي الوحدة فيوجد به لاعبون من مختلف أبناء الجاليات، أمثال (حسن دوش) و(الزرد)، وحارس مرمى شهير لا نعرف اسمه، لكن حتى الوصف الإذاعي يطلق عليه اسم (التركي). ومن المصادفات أنني التقيته بعد سنوات طويلة.. كنت في مجلة (اقرأ)، وكان هو مرافقنا من وزارة الإعلام إلى تركيا لحضور أحد مؤتمرات وزراء الخارجية التي عُقدت هناك في 1395 أو نحوها. أما في الطائف فكان هناك مدرب سوداني في نادي ثقيف، وكان مدرس الرياضة في مدرستا (السعودية الأولى) سودانيًّا أيضًا.
وفي لعبنا في أندية (الحارات) تعلمنا من لعب اللاعبين السودانيين طريقة سيئة بالغة الخشونة، لم نكن نطبقها إلا أحيانًا.. إذا صادف عدم معرفتنا بـ(المهاجم) الخصم.. وهي طريقة قد ذهبت (مثلاً) ولا أحد بين لاعبي نادي ثقيف يجيد تطبيقها ببراعة سوى المدافع الأيسر لنادي ثقيف زميلنا الفنان خالد خضر المصور الإبداعي المعروف.. وهذه الطريقة تقول:
- (إذا فاتك الكفر.. لا يفوت الزول)؟!
والمعني الحرفي يقول: إن عليك بعد مرور الكرة أن لا تسمح بمرور اللاعب مهما كلف الأمر، وأنت وقوتك البدنية بـ(كيفك).. (يطيح.. تكسر رجله.. تكسر ظهره.. تكسر رقبته).. يعني هو وعافية.. المهم لا يعدي..!
ومن هذه (المدرسة) لم يبقَ إلى وقت قريب سوى لاعب النادي الأهلي (صمدوا) الذي اعتزل اللعب مصابًا أسوة بمن أصابهم وأجبرهم على الاعتزال.
تلك مرحلة مضت، قد نسميها (مزاجيًّا) بمرحلة (التأسيس)..
أما وقد تطورت كرتنا السعودية، وحصدت ألقابًا قارية، كان آخر وصولها إلى كأس العالم وصولاً مشرفًا في موسكو.. ووصل عدد اللاعبين (المحترفين) في الأندية السعودية إلى عدد قياسي.. ولم يعد بالإمكان أن (تعاير) أي نادٍ بلاعبيه (الأجانب)، لم يجد السيد (خالد البلطان) رئيس أحد أعرق الأندية السعودية ما (يعاير) به بعض الأندية المنافسة سوى جمهوره.. رغم أن طيب الذكر المستشار تركي آل الشيخ اتخذ أهم قرار رادع لتسيّب (الجماهير) عندما اشترط لدخول الملاعب وحضور المباريات ارتداء (الزي) المناسب، وليس ثياب النوم مثلاً.