فهد بن جليد
لم أقرأ كتباً صادقة عن تجارب فاشلة أو أخطاء شخصية لمؤلفين سعوديين أو عرب، أشعر عند تصفحها بأنَّها كتبت بصدق ومعاناة، ولم يكن هدفها التلميع أو صنع (شخصية البطل) في نهايتها، فمعظم التجارب التي تقدم في عالمنا العربي هي تجارب لعصاميين مرصَّعة ومُلمَّعة، إمَّا لتجار ورجال أعمال وناجحين، كان لا بد أن يُصوِّروا أنفسهم كشخصيات عظيمة مرَّت بصعوبات وعقبات، أو لشخصيات لم تحسن قول الحقيقية والتجربة كاملة، بينما نحن نفتقد للتجارب الحقيقية والواقعية والصادقة التي تمنح المتلقي الفائدة المرجوة مهما كانت الأخطاء والظروف المحكية فيها، فتجارب الفاشلين أو الخاسرين - برأيي- أهم بكثير من تجارب هؤلاء، قد تكون طبيعتنا العربية تمنع من نشر التجارب والأخطاء الفاشلة، ربما لأنَّنا لم نعطي الأمر أهميته وقيمته وفائدته بعكس ما يحدث في الغرب، عندما ينشر الكثيرون هناك مذكراتهم دون خجل على شكل كتب أو عبر برامج تلفزيونية أو إذاعية أو حتى عبر وسائل التواصل الحديثة، ويتحدثون بكل جرأة وصدق عن أخطائهم في كل مراحل العمر.
في عالمنا العربي يُطلقون على مثل هذه الخطوات (نشر فضائح) أو (تفضح نفسك بنفسك) بعد أن ستر الله عليك، بينما علينا تفهم الأمر كتبادل (لتجارب إنسانية) مجرَّدة دون حساب أو عقاب، يستفيد منها الشاب في مقتبل العمر حتى لا يكرِّر أخطاء من سبقوه، علينا أن نُشجِّع تناقل الخبرات بين الأجيال في مجتمعنا بهذه الطريقة في التجارة، والأعمال، والحياة بشكل عام، ونفتح الباب لبعض من خاضوا تجارب متنوعة ومُختلفة ليتحدثوا عن تلك الأخطاء؟ وكيف وقعوا فيها؟ ورأيهم في كيفية تجنبها من قبل أبناء الجيل الحالي، فالنصائح المباشرة أو المغلفة ستبقى في إطار (المثاليات) لن تعطي أو تمنح المتلقي ذات النتيجة والفائدة.
كلما كان صاحب التجربة شخصاً عادياً مغموراً من عامة الناس، يتحدث عن تفاصيل حياته العادية، كلما كانت الفائدة - برأيي- أكبر، والمسؤولية أعظم على من يعيشون في محيطنا ويمتلكون خبرات وتجارب كبيرة ومُتعدِّدة، ولكن الأب يحجمَّها عن ابنه، والأخ يمنعها عن أخيه، وفي نهاية المطاف قد يدفع هذا الابن أو الأخ ثمناً باهظاً ليتعلم ويكتسب خبرة كان بالإمكان الهمس بها في أذنه مبكراً.
وعلى دروب الخير نلتقي.