د. خيرية السقاف
أحسب أن الذين اعتادوا على الكذب «الأبيض» كما يقولون في هذا اليوم الأول من شهر إبريل في السنة الميلادية، لن يكذبوا، ذلك لأن الكذب مباحا بواحا، أو مغلفا مزخرفا أصبح ماء الشرب، ولقمة الرغيف في سلوك الناس إلا منهم الذين لا يزالون يحاولون النجاة في بحر هذا الإنسان الثابت في ظاهره، الهش في داخله..
فثمة غايات تفاقمت، وثمة وسائل تعددت، وثمة تراكمات علت، وثمة نفائس سُلِبت، وثمة قيم مُحيت، وثمة جمال قتل، وثمة نقاء طُمِس، وثمة حقائق تبدلت، وثمة طيبة خُدِشت..
كما ثمة وضيع رفع، وثمة مخادع سُمِع، وثمة حاقد جُهِل، وثمة ساطع أفل، وثمة معطٍ بُتِر، وثمة قويم كُسر..و..و..
القائمة تطول على الوجه المشرق الآخر المضاد للكذب..
الأول من إبريل يتمادون، يكذبون..
يحسبون الدعابة ترويحا، والخدعة تلميحا..
إنهم يتفكَّهون من فراغ، يضحكون من سذاجة، يتبارون في الانصياع، يلهثون في الاتباع..
هذا اليوم للكاذبين من الناس..
لمن يظن في نفسه تقدما، يمنح ذاته صفة التحضُّر، يرى فيه فهما يفوق العامة، ووعيا لا يرقى إليه سواه..
يوم الكذبة «البيضاء»، يوم السدر، والهذر..
يوم إثبات السائد، والكشف عن المغطَّى..
يوم إماطة اللثام بصريح الكلام
الناس يكذبون!!..
يا لدهشة كذبة اليوم المباحة،
فكم من قلوب وجفت، ودموع هطلت، وفرحة اغتيلت، وأمل تحقق فهوى، وخسارة لحقت وندم حضر، في مقابل ضحكات تتعالى، ومفاجآت تتوالى..
«كذبة إبريل» كشفٌ معلنٌ عن محك حاد جارح، وجسر ممتد واضح
بين وجهي مكنون عقل في رأس إنسان!!..