فهد الحوشاني
تطبيق حقوق الإِنسان مبدأ جميل، مبدأ يجب أن يسود العالم دون تدخل السياسة التي ما دخلت على شيء جميل إلا أفسدته وانحرفت به عن أغراضه الحقيقة، الدول الغربية تدعي أنها تحمل لواء حقوق الإِنسان وإن كان للإِنسان في أوطانها نسبة متفاوتة من البطالة والتشرد في الشوارع والعنصرية! لكن قوتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية خولتها لحمل لواء الدفاع عن حقوق الإِنسان، وتبارى ساساتها للوقوف خلف منصات المطالبة بحقوق الإِنسان، وغالبًا أبحث عن السياسة لتجدها حاضرة في القرارات التي تتخذ ضد دولة ما حول حقوق الإِنسان وأبحث عن السياسة أيضًا إذا وجدتهم يغضون الطرف أمام ممارسات دولة ما حتى وإن كانت تلك الممارسات تسحق شعبًا كاملاً!
الرجل الأبيض بشكل عام رجل متحضر، خرج منتصرًا من حروب أهلية عنصرية وقتل وإبادة للسكان الأصليين، حتى بنى دولاً حديثة متحضرة وضع فيها من القوانين الذي تمنحه في وطنه الاستقرار القائم على الحقوق التي لا تخلو من خروقات وعيوب مع مواطنيه، ولكنه خارج بلده يمارس تصدير هذه المبادئ وفرضها بنفس تراثه العنصري والاستعماري!
عندما تبيد دولة مثل مانيمار شعبًا كاملاً قتلاً وتهجيرًا فإن الأمم المتحدة تمارس شعار (لا أرى لا أسمع لا أتكلم)!! وعندما تقتل إسرائيل الفلسطينيين وتهدم بيوتهم وتهجرهم وتبني جدار عازلاً! سبق إن هدم جدارًا مماثلاً له في ألمانيا! واعتبر ذلك انتصارًا عظيمًا لحقوق الإِنسان! فإن الغرب لا يعلق على الجدار العنصري الجديد! لكنه يلوك جملاً مستهلكة مثل العودة لطاولة المفاوضات التي ترفضها إسرائيل وتضع العراقيل أمام قطار السلام ولهذا فإن الغرب وليس إسرائيل هم سبب إطالة أمد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي! عندما يقتل النظام في سوريا مئات الآلاف ويهجر الملايين ويستخدم الغاز الممنوع دوليًا فإن الدول الغربية والأمم المتحدة تصمت ولا نرى لهم أفعالاً تنتصر لحقوق الإِنسان في سوريا! بل إن ذلك الصمت جعل سوريا مسرحًا للقتل وبيئة خصبة لتجمعات الإرهابيين! عندما توفر تركيا ممرًا آمنًا (ترانزيت) يدخل منه عشرات الآلاف الإرهابيين إلى سوريا!! فإن الأمم المتحدة تغض الطرف عن تركيا ومساهمتها في الإمداد اللوجستي للإرهاب في سوريا والتدخل السافر بشؤون هذا البلد!! عندما تقوم إيران بمليشياتها الطائفية بقتل السنة وتهجيرهم في العراق وسوريا وتخرب بيوتهم وتنسف مساجدهم فإن الدول الغربية والأمم المتحدة لا تحرك ساكنًا!
وعندما تقوم ميليشيا الحوثي الإيرانية بالانقلاب على السلطة الشرعية وتخرب البلاد وتقتل العباد وتعتقل الصحفيين والأئمة والعلماء وأساتذة الجامعات وتقتل الرئيس المخلوع! فإن الأمم المتحدة تتجه إلى أسلوب المفاوضات الذي فقد مصداقيته وأفقدها مصداقيتها، ولا طالة الوقت فإنها تعقد المفاوضات التي تعجز أو لا تريد أن تنفذ نتائجها! مما أسبغ الشرعية على الانقلابيين، فجعلت من المجرم المستولي على بلد، ندا للحكومة الشرعية يفاوضها ويحتمي بظهر المنظمة الدولية! مفاوضات أهملت السبب الجوهري في الأزمة وذهبت إلى مناقشة نتائج الحرب ومآسيها التي فرضها الحوثي على الشعب اليمني، الذي ثار على الرئيس المخلوع فوجد نفسه تحت حكم طائفي إيراني إرهابي بغيض!
إن مشكلة العالم ليست فقط في دول مارقة مثل إيران وميليشياتها في اليمن والعراق ولبنان، حتى وإن وصف حزب الله مؤخرًا بأنه إرهابي! بل بنظام عالمي تزعم منظمة الأمم المتحدة أنها تحميه وتعلن أنها ترعي حقوق الإِنسان فيه!
وما يستغرب له أن تعقد المؤتمرات من أجل أفراد لهم قضايا بعضها جنائي في بلدانهم!! فقط لأنه اسموا أنفسهم ناشطين وبعضهم في واقع الأمر أفراد خرجوا من ظروف وخلافات أسرية، فأساءوا لوطنهم ومواطنيهم من خلال ادعاءات كاذبة.
من المستغرب أن تجتمع دول لتناقش أحوال بضعة أفراد ينتمون لدولة لها سيادتها وقوانينها ثم تخرج عنها البيانات التي تطالب بما ليس من حقها أن تطالب به، بينما شعوب كاملة تستغيث بتلك الدول ومنظمة الأمم المتحدة في سوريا وفلسطين ومينمار واليمن وغيرها! فتصمت عن مساعدة تلك الشعوب! تصمت عن قضايا الشعوب وتهتم بقضايا أفراد! وهنا مربط الفرس وهنا تتكاثر الأسئلة! إنها منظمة تتلاعب بها أيادي السياسيين وإن لم تصلح هذه المنظمة من شأنها، وتستعيد مصداقيتها المفقودة وتهتم بحقوق الشعوب المظلومة وحقوق الإِنسان الحقيقية.. فقل على هذه المنظمة السلام.