خالد بن حمد المالك
شهدت تونس خلال الأيام الماضية حدثين مهمين؛ الأول زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، والثاني عقد مؤتمر القمة العربية في أراضيها، ولكل من الحدثين أهميته، خصوصاً في هذا المنعطف الذي تمر به تونس والعالم العربي، وما تمثله الزيارة الملكية، وانعقاد المؤتمر من دلالات ذات أهمية بالغة في صنع السلام، والقضاء على الإرهاب، وخلق أجواء من التعاون بين دولنا العربية بقيادة خادم الحرمين الشريفين.
* *
ولتونس تاريخ مشرف في تبريد الأجواء، وخلق مناخ من التعاون، بما يخدم الأمة العربية، ويعزز صمودها أمام التحديات؛ إذ لا ننسى أنها استضافت منظمة التحرير الفلسطينية حين تسلطت عليها إسرائيل بالتعاون مع نظام الأسد، فتم تهجيرها من لبنان، لتكون تونس هي المقر المؤقت لها، كما لا ننسى أن الجامعة العربية حين اعترف نظام السادات بإسرائيل، لم يكن هناك مسوغ لبقائها في القاهرة، فكانت تونس هي خيار العرب، ليكون مقر الجامعة العربية في العاصمة التونسية.
* *
والملك سلمان حين يسبق عقد المؤتمر فيقوم بأول زيارة رسمية له بوصفه ملك المملكة العربية السعودية إلى تونس، فهو يجدد بهذه الزيارة من سبقه من إخوانه في ترسيخ العلاقات الثنائية بين الدولتين، ويؤكد من جديد أن المملكة قيادة وحكومة وشعباً تختزن للشقيقة تونس المزيد من الحب، والرغبة الصادقة في التعاون معها، وبذل كل جهد لمساعدتها على تجاوز المحن التي مرّت بها، دون شرط أو قيد، فهذا سلوك قادة المملكة مع تونس ومع كل الدول العربية.
* *
والحفاوة التي لقيها الملك في استقبال الرئاسة والحكومة والشعب التونسي تظهر كم للملك سلمان من مكانة كبيرة لدى مستضيفيه في بلده الثاني، بما يحرم خصوم تونس، وأولهم نظام قطر، من القدرة على التأثير في استقرار تونس ووحدة شعبها، والتفافهم حول كل ما يعزز أمنها، ويبعدها عن كل المحاولات الشريرة التي يقوم بها الأعداء.
* *
وتونس التي رأيناها في زيارتنا لها بعد طول انتظار، وجدناها في صورة غير تلك التي تتحدث بها قناة الجزيرة؛ إذ يتوافر هنا الأمن والاستقرار، وتتطور البلاد بشكل غير مسبوق، فيما يتحدث المواطنون الذين التقيناهم بثقة بأن البلاد تجاوزت تماماًَ ما مرّ بها من تحديات، وأنها أفشلت كل المحاولات لإبقائها تحت تهديد المؤامرات، مما مكّن الشعب هنا ليواصل مشواره في بناء الدولة وتنميتها في كل المجالات.
* *
ولم نجد حقيقة ما يمكن أن يقال سلبياً عن هذه الدولة الجميلة المطلة على البحر الأبيض المتوسط؛ إذ كما اعتاد التونسيون والعرب والعالم تسميتها بتونس الخضراء، هي كذلك في التنظيم والجمال والخضرة، وهي في وضع مريح باستقبالها لكل هذه الأعداد الكبيرة التي جاءت لتحضر القمة العربية، أو ترافق الملك في زيارته من سياسيين وإعلاميين.
* *
فالإمكانات في المطار، مروراً بالشوارع وإلى الفنادق، كلها في حالة تحضير، لاستضافة الوفود، وتوفير كل سبل الراحة لهم، ما يعني أن من يتحدث بغير هذا، فهو لم يزر تونس، ولم يقف على الحالة الجيدة التي تمر بها، وإنما هو إنسان مريض لا يتحدث إلا من خيال، ومن تأثير تقوم به قناة الجزيرة لتغيير الصورة الحقيقية في أذهان مشاهديها؛ توجيهاً من قوى معادية، لكنها لم تكسب في مواقعها المشبوهة إلا العار، ولن تصطاد إلا حفنة من مشاهديها المرضى كما هو حال من يعمل في هذه القناة.
* *
لقد كانت زيارة الملك على ألسنة شعب تونس، ثناءً وإطراءً وترحيباً، يعولون عليه في إنقاذ الأمة مما ابتليت به من محن، بحكمته، وسداد رأيه، ومكانته في قلوب أمته العربية، ما يكرّس التحام شعب تونس مع كل قيادة تحرص على مصالح دولنا وشعوبنا، وعلى رأس هؤلاء الملك سلمان بن عبدالعزيز.