فهد بن جليد
بالأمس اختتم «موسم الشرقية» بنجاح لافت, ليكشف ما تمتلكه المنطقة من أساسيات البنية التحتية والبشرية اللازمة, بمقومات الإبهار لحجز مقعد متقدم لها على صدارة الخارطة السياحية السعودية, فأكبر فعالية ثقافية وترفيهية وسياحية شهدتها المنطقة كانت بمنزلة الاختبار الحقيقي لتفوق المنطقة ومنافستها, باستقطابها ما يُقدَّر بنحو 15 مليون زائر من داخل وخارج المملكة من المواطنين والجاليات المقيمة العاملة في الشركات هنا, إضافة لنحو أكثر من 700 ألف زائر من دول الخليج في «حالة نادرة» من الهجرة السياحية العكسية التي تستحق الدراسة والتأمل والتحليل من أجل التخطيط بنجاح أكبر للمواسم المقبلة, خصوصاً نحن على بعد أيام من موسم رمضان, وإجازة الصيف, وعيدي الفطر والأضحى, التي كانت فيها الشرقية قديماً مقصداً للسعوديين, وهو ما يحمِّل المنظمين مسؤولية أكبر للخطوة اللاحقة, فأهل المنطقة وزوارها لن يقبلوا بأقل من النجاح الذي تحقق في الأيام الماضية, مع معالجة بعض الملاحظات الطبيعية للنسخة الأولى من أي عمل أو مهرجان.
الإعجاب والإشادة بـ «موسم الشرقية» لم تكن بسبب البرامج والفعاليات المتنوعة والمبهرة فقط, فطبيعة وشخصية أهل المنطقة الشرقية المُرحبة والمُتسامحة والطيبة والهادئة كانت من أسرار نجاح الموسم واستيعاب كل هؤلاء السياح بمختلف ثقافاتهم, وهذا عنوان كبير قد لا يتوافر في أماكن أخرى -لا يجب إغفاله- وهنا أتمنى من أجل تأسيس عمل مؤسسي واحترافي سماع «صوت الناس» ملاحظاتهم, أفكارهم, مُقترحاتهم, من خلال «استبيان إلكتروني» يجمع ويرصد ويُحلل رأيهم حول الفعاليات مواقعها وأوقاتها ونوعها, خصوصاً أنَّها تمسُّ حياتهم اليومية, وتُقام بالقرب من أحيائهم السكنية, وهي تجربة جديد في نوعها وحجمها اشتركت فيها مُختلف المدن والمُحافظات والقطاعات والهيئات, والهدف دائماً البحث عن النموذج السياحي والترويحي والترفيهي الأفضل للمنطقة وأهلها.
«موسم الشرقية» ثقافة وطاقة وإن كان واحداً من أحدى عشر موسماً آخر ستنطلق في باقي مناطق المملكة ضمن برنامج «جودة الحياة 2020», إلاَّ أنَّه ولد متفوقاً, وسيبقى مُختلفاً بموقعه وطبيعته وبرامجه المتنوعة التي خلقت البهجة ورسمت الرضا على وجوه الناس ومحياهم, ومن الإنصاف الاحتفاء به مهما كانت الملاحظات التي صاحبته, فيكفي أنَّه باكورة المواسم «كتجربة» أكسبت المنطقة وأهلها الخبرة العملية اللازمة لصنع مستقبل منطقتهم السياحي, وأثبتت قدرتهم على صنع الفارق.
وعلى دروب الخير نتقي.