د.ثريا العريض
في الأسابيع الماضية عاشت المنطقة الشرقية موسمًا ثقافيًّا ثريًّا، ما زال ممتدًا. سعدت بملاحظة تزاحم المهتمين في أول زيارة لي لمركز الملك عبد العزيز الثقافي بالظهران «إثراء» بعد حضوري افتتاحه رسميًّا قبل ثلاثة أعوام؛ إذ صادفت افتتاح مهرجان الأفلام السعودية. وقبل قليل عاد ولدي وزوجته وطفلتاه من فعالية ترفيهية عامة على كورنيش الدمام، وقبلها زاروا السيرك، واستمتعوا بالألعاب النارية، كما حضروا المعرض الفني لرينورار وفان غوغ، وعادوا يشيدون بالتفاصيل, وكيف سعد آلاف المواطنين والمقيمين وعائلاتهم بالحضور والمشاركة بكل سلاسة وارتياح. وعلى كورنيش الخبر والقطيف وغيرهما من مدن الشرقية تزامنت الفعاليات الترفيهية.
الحمد لله.. التحول داخليًّا مبهر وفي الوجهة الإيجابية. والأهم منه مستقبلاً على المدى الأبعد هو التحول الأعمق على نطاق عضوية المملكة عالميًّا.. واستدامته.
منذ بداية القرن الحالي والمملكة متمسكة بسياسة المحافظة على التوازن في علاقاتها الدولية, بجانب رفع تهم الانغلاق والغلو عن مجتمعها, ووصمة الإرهاب عن العرب والإسلام كله. وفي حين أن ردود الفعل لأحداث، سواء عفوية أو متقصدة الدوافع، أنتجت ترسيخ هذه التصنيفات المسببة للكراهية, ظلت المنطقة الشرق أوسطية كلها موقع اهتمام دول العالم وقياداته لأسباب سياسية اقتصادية بحتة.
في فترة السنوات العشر الأخيرة زار المملكة العربية السعودية الكثير من رؤساء الدول والمسؤولين, كما زار قادة المملكة أهم الدول التي تلعب دورًا رئيسًا في التفاعلات الدولية والإقليمية سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا, وعُقدت لقاءات ومؤتمرات مهمة في الرياض، وفي الجوار القريب والعالمي في القارات الخمس. وبرؤية التحول والتغيرات الجذرية في سياسة المملكة داخليًّا أعلنت قيادة المملكة مرحلة جديدة مختلفة في توجهها الداخلي، وفي الجوار الإقليمي والعربي، ومع العالم.. أحداث مهمة تمس المملكة وعلاقاتها الدولية.
أعود معكم قليلاً إلى الوراء محاولة استجلاء ما يحدث، واستشراف القادم في منطقة ترقص بوجود إيران وتركيا على كف عفريت.
قبل 3 سنوات شاركت في المؤتمر الثاني لغرب آسيا في نيودلهي بدعوة من مركز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية في وزارة الدفاع الهندية.
في نهاية المؤتمر عبّر الجميع عن أملهم وتفاؤلهم بأن الأوضاع ستتحسن، وأن التعاون مطلوب, عدا الباحث الإسرائيلي الذي تنبأ بأن الأمور ستكون أسوأ، ولعل ذلك كان شعورًا رغبويًّا.
يومها أعرب الآسيويون، وبخاصة الصينيون والكوريون، عن اهتمامهم بالتواصل مع المنطقة لإعادة البناء, ومع دول مجلس التعاون بالذات, برغبة التعاون في كل المساعي التنموية بصورة أشمل، تفتح مجالات مستقبلية واعدة في الصناعة والأبحاث والتبادل التجاري.
قلت: كلٌّ يرى ما يتمنى أن يحدث، ونحن في الخليج نرى عبور الأزمة مطلبًا سيتحقق, ونمد يدنا مصافحين وداعين للسلام والتعاون للبناء إقليميًّا وعالميًّا. ولكن ذلك لا يعني التفريط في أمننا وسيادية القرار على الأمور الخاصة.