العقيد م. محمد بن فراج الشهري
لم تستطع منظمة حماس التخلص من العباءة الإخوانية حتى الآن, وكان ذلك سببًا رئيسًا فيما آلت إليه الأحداث في القطاع في الآونة الأخيرة، من تشتت, وانقسامات, والعودة إلى العنف ضد سكان القطاع والضفة، لأنها -أي حماس- وجدت نفسها غير قادرة على الوفاء بما التزمت به لسكان القطاع والضفة, ومن المؤكد أن حركة «حماس» الإخوانية لن تنفذ ما كانت التزمت به في اجتماع موسكو الأخير, وهو العودة إلى اتفاق الوحدة الفلسطينية عام 2017م، فهي قد التزمت باتفاق مكة المكرمة عام 2007م لكنها ما لبثت أن انقلبت عليه بعد فترة قصيرة, وقامت بانقلابها الدموي الشهير على السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير وحركة (فتح)، مما يثبت أن القرارات ليست في يدها وإنما في يد التنظيم العالمي (الإخواني) الرابض في تركيا وقطر, ولن تستطيع هذه المنظمة القيام بدور مقبول من كل أبناء فلسطين والأمة العربية وهي رازحة تحت الحكم الإخواني, ولن يكون لها مستقبل في القضية الفلسطينية إلا إذا صححت هذا المسار وحافظت على استقلالية القرار الفلسطيني وإلا فستبقى معزولة ومن ثم تتخبط بمسائل ليست فلسطينية لا تستهوي الأجيال الشابة, وصلب القضية الأم, والتخلص من فخ غزة والإخوان إذا أرادت التفرغ للمقاومة والعودة إلى الخندق الفلسطيني الفلسطيني وعدم القيام بمعاقبة أبناء الضفة نيابة عن إسرائيل وزيادة نكباتهم، إذ إن حماس بهذا الوضع أصبحت عبئًا ثقيلًا على الشعب الفلسطيني وزادت من أوجاعه ومشكلاته, ولم تثمر في أي جهود تخرج الفلسطينيين من أزماتهم الداخلية قبل الخارجية.. أما إسرائيل فقد وجدت من يعينها على إذلال الشعب الفلسطيني ويساعدها على زيادة نكباته بإصرار حماس على تشتيت الصف الفلسطيني وزيادة أوجاع السكان، ولذلك وجدت إسرائيل كل الأعذار لزيادة الضغط على السكان ونزع الملكيات, وتهديم البيوت والمزارع, والقصف العشوائي, وبناء المستوطنات الجديدة.. والبحث عن كل الأساليب الجديدة لغزو (الأقصى والقدس الشرقية) بافتعال أشياء وذرائع شهرية ويومية غريبة, الهدف منها سحب بساط الأقصى وجعله بين أيديهم يتحكمون فيه كما يريدون.. أما أمريكا فقد أعادت إلى الأذهان احتلالها لأراضي الهنود الحمر وطردهم منها وخاصة ما نراه في القرن الواحد والعشرين ومع حكومة الرئيس المتقلب (ترمب) الذي فتح الباب على مصراعيه لإسرائيل لتقول ما تريد أن تقوله في القضية الفلسطينية، متناسيًا أن هذه قضية العب والمسلمين وأول بركاته نقل السفارة للقدس, ثم قطع المعونات لإهانة وإذلال شعب فلسطين المنكوب, ثم استخدام الفيتو لكل ما هو ضد إسرائيل, ثم التصريحات النارية والمتقلبة التي يطلقها كل يوم, ثم إيقاف الحلول المرتقبة لوضع القضية الفلسطينية والتي وعدت بها أمريكا مرات ومرات ولم تف بشيء لا على أيام الرؤساء الذين انتهت رئاستهم ولا على عهد ترمب حتى الآن في ظل تقاعس دولي غير معهود عن تحريك القضية لإيجاد حل بدل هذا التنويم الطويل في الثلاجة الأمريكية.. وهذا الأمر أصبح طبيعيًا طالما أن المتابعة الدولية غير موجودة من مجلس الأمن, ولا من الدول المعنية بالشأن الفلسطيني والقضية برمتها ولا من الشرق ودوله التي تعاني من انقسامات وحروب أضاعت فيها هيبتها ومكانتها، ولا من العالم الإسلامي الذي ترك أمر (القدس) رهينة بيد أمريكا وإسرائيل تعمل فيها ما تشاء. وإذا أراد الفلسطينيون أولاً الخروج من هذه الأوضاع غير المطمئنة لهم ولا لشعبهم ولا لمستقبل القدس فعليهم أن يبحثوا عن الوسائل التي تجمع الشمل ونبذ الخلافات, وعلى حماس أن تخرج من العباءة الإخوانية, ومشكلات سينا والضفة والتعاون مع الأشقاء في مصر لإيجاد حلول مقبولة لكل الأطراف المعنية بالقضية، وثانيًا معرفة كيفية إيقاف إسرائيل عن التوسع وعدم إعطائها الأعذار لارتكاب حماقات جديدة ضد فلسطين وأبناء الضفة والقطاع.. وعلى الأمتين العربية والإسلامية مراجعة قضية (القدس) وما يجري حولها من أحداثات وتمحكات إسرائيلية خطيرة, الهدف الأساسي منها طمس هوية القدس والاستيلاء عليها بالكامل, وهم خبراء في ذلك, فهل من وقفة شاملة عربيًا وإسلاميًا، أم أن الأمور ستبقى كما عليه الآن؟! حتى تأكل إسرائيل كل ما تستطيع أكله في ظل هذا التناسي والتباعد الإسلامي والعربي، فهل من مجيب، ألا قد بلغت اللهم فاشهد..