د.عبدالعزيز العمر
يقال: إن وزير التعليم الفرنسي كان ينظر في ساعته ويقول: لقد حان الآن وقت الفسحة المدرسية في فرنسا، هذا مثال واضح على مركزية التعليم المفرطة في فرنسا، وبالمناسية لا بد من القول إن المركزية بحد ذاتها ليست عيبًا تعليميًا طالما كانت تستهدف ضبط التوجهات والسياسات العامة وتركت التفاصيل لمنفذي العملية التعليمية. وما يقال عن فرنسا في موضوع مركزية التعليم يقال أيضًا عن التعليم في إنجلترا. وبالمثل أيضًا تقدم المملكة العربية السعودية تعليمًا مركزيًا، وهذا أمر مقبول وغير مثير للقلق طالما لم تصل هذه اليروقراطية إلى هيكل المدرسة، لتتحكم في مفاصل العمل المدرسي اليومي، بل وتخلق طبقات إدارية داخل المدرسة نفسها، وطبقات إدارية أخرى بين المدرسة وإدارة التعليم. الواقع أن مركزية التعليم في بلادنا تفرضها مركزية الدخل والصرف المالي الوطني، فمثلاً، ما تريد مدرسة في طبرجل تأمينة من مشتريات تعليمية، وما تريد تأمينة مدرسة في الرياض تأمينة من مشتريات تعليمية سوف يمر عبر الشخص نفسه وعبر المكتب نفسه في وزارة المالية، وكما ما هو معلوم فإن النظام الاداري يتبع حرفيًا النظام المالي المركزي. وعندما تصل البيروقراطية أو المركزية إلى المدرسة فلا تسأل عن حال التعليم. وهنا نؤكد أن المدرسة لن تكون منتجة تعليميًا إلا إذا توفر لها هامش أو مساحة كافية من الحرية لتعمل. لكن مراكز الإشراف التربوي والإداري تكاد تخنق المدارس وتحاسبها على كل صغيرة وكبيرة، حتى المقصف الصغير الذي يدر دخلاً (ينقط في حلق المدرسة) يتدخل فيه الإشراف ويضرب عليه (أتاوة) تذهب للمنطقة التعليمية.