د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
طالعتنا محفزات وطنية جديدة في مطلع هذا الشهر عندما أطلق خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- حزمة من المشروعات الكبرى تضمنت تجديداً لافتاً لمدينة «الرياض» التي سيكون لها نصيب من اسمها -بإذن الله- وقد حملتْ تلك المشروعات رؤية استباقية من سمو ولي العهد بإعداد المدينة العملاقة الرياض لتكون مدينة اقتصاد وأعمال وفي ذات الوقت ذات مناخ إنساني بهيج؛ فهناك استثمارات عملاقة سكنية وفندقية ورياضية ومعالم فنية جمالية مفتوحة من خلال «الرياض آرت» ومن خلال المتاحف التي تحمل عراقة هذا الأمكنة وتاريخها العبق؛ ومسارات لممارسة الرياضة بتشكيلاتها المختلفة؛ ومنح البيئات المكانية رونقها بسبعة ملايين ونصف المليون من الأشجار والقنوات المائية؛ وبشكل عام فالأرقام التي تحمل المشروعات غير مسبوقة تعكس في جملتها حجم التحول الاجتماعي الذي يحيطنا ويسكن عقولنا اليوم كما نستشرف حجم الفضاء الحضري الذي ينمو أمامنا بكل شموخ وقوة؛ كل ذلك سوف يشهد احتفائية ناطقة مفادها أن بوابات الجمال سوف تُفْتتح في رياضنا عبر مسارات جديدة، وسوف تتحول الرمال إلى أوسمة استحقاق ممهورة تعلن من صحراء الرياض الممتدة أن استثمار المكون البيئي هو خارطة مستقبل الرياض الجديدة؛ وأن هناك مدّاً مجزياً محفزاً يتجه إلى بنية الرياض الفاخرة، فكل ما تضمنته مشروعات الرياض العملاقة هي منصات وهج لكل الطموحات الوطنية حيث الشراكات الزاخرة للتشغيل واستنطاق المواهب وتقريب المنجزين ليسهموا في بناء الرياض الفارعة التي أصبحت قطعة من فسيفساء الإبداع السعودي الحديث.
ومنذ الأزل كانت الرياض ملء السمع والبصر وفي كل عام تستعيد قيادتنا الملهمة شغفنا نحو الرياض بهباتٍ جديدة، تدفع التصحر وتلوّح بالحياة الخضراء، فتلك المشروعات العملاقة إنما هي مجسات تكسوها بهجة الاكتشاف؛ ولذلك فالأهم في سياقات التنفيذ لتلك المشروعات العملاقة التي يتربع الجمال على وثير بساطها؛ الأهم أن تترابط وتتسق فالانسجام بين تلك المشروعات هو التقييم الصحيح لها؛ كما أنه يطوقنا شعور ممتلىء أن هويتنا الوطنية تتسع حينما تتزاحم المشروعات التنموية في نطاقاتنا التي نجحتْ فيها بلادنا، حيث صنعت المدنية الحديثة وسط سحنة الصحراء الصارمة؛ فهنيئاً للرياض ذلك الإدراك الممتلىء من خادم الحرمين وسمو ولي العهد بشروط الجمال في بيئات الرياض وأدواته؛ وهنيئاً لها تطوير النموذج السائد في إبراز جمال البيئات المكانية التي حان وقتُ الرياض أن تراها مصهورة في بوتقة الإستراتيجية السعودية الحديثة؛ وأحسبُ أنه لابد أن تواكب تلك التوجهات المبدعة لقيادتنا الرشيدة كم وافر من المعرفة العامة والأكاديمية عند القوى العاملة في تلك المشروعات لتكون حاضنة لنسيج الرياض الجديدة.. يقول ابن خميس -رحمه الله- عن مدينة الرياض:
(سقتها الغوادي كم بها من مرابع
يُعطِّرُ أنفاس النُّعامى عبيرها
إذا داعبتها السُّحبُ أو جَسها الصّبا
تأرَّج مغناها وراق غديرُها
تموج بميدان (الصفاة) جموعها
ويلقى بشير القافلين نفيرها)