د. أحمد الفراج
منذ سنتين، كتبت كثيرًا أن احتمالية إدانة الرئيس، دونالد ترمب، ليست قوية، وأنه لو تمت إدانته، فإن احتمالية عزله ضئيلة، نظراً لأن ذلك يتطلب تصويت ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ على العزل، وهذا أمر في منتهى الصعوبة لاعتبارات عدة، أهمها حالة الانقسام الحزبية الحادة في أمريكا حالياً، واصطفاف معظم الجمهوريين خلف ترمب، ولم يسبق في التاريخ الأمريكي أن تم عزل أي رئيس، إذ صوت مجلس النواب في تاريخه على عزل رئيسين، أحدهما بيل كلينتون، ولكنهما نجيا من العزل في مجلس الشيوخ، أما الرئيس ريتشارد نيكسون، فقد استقال ولم يعزل، عندما أدرك أن إمكانية عزله كبيرة، بعدما حاول عرقلة سير العدالة، وأيضاً لوجود جمهوريين كبار، كانوا مستعدين للتصويت ضده، لأن مصلحة أمريكا العليا كانت تتطلب ذلك.
من كان يتابع الحراك السياسي في أمريكا منذ فوز ترمب بالرئاسة، يعلم أنه تعرض لأقسى هجوم، ولم يعط فرصة منذ اليوم الأول، فقد تسلط عليه الإعلام اليساري بكل أشكاله بشكل غير مسبوق، وبالغ في شيطنته، لدرجة أن قناة ام اس ان بي سي اليسارية، ركّزت على علاقته مع روسيا، ودوره شخصياص في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، فذات مرة، ذكرت المذيعة الشهيرة، ريشال مادو، في هذا السياق، أن طائرة روسية خاصة هبطت في ولاية فلوريدا، والتقى الوفد الزائر بترمب، وكانت تتحدث بجدية وألم مفتعل، نتيجة وقوع أقوى قوة في العالم تحت سيطرة روسيا! ويبدو لي أن اليسار كان في حالة صدمة عنيفة، بعد خسارة هيلاري كلينتون، بلغت مرحلة الهلوسة، فقد تمت رواية قصص أقرب إلى الخيال، عن العميل الروسي ترمب!
كان هذا الهجوم المركز على ترمب شرساً، وكان حرياً به أن يجنح للتصالح أمام سطوة الإعلام، ولكنه اتبع نهج المناكفة والعناد، لدرجة أنه فقد أعصابه في كثير من الأحيان، وصرح أو كتب ما لا يليق برئيس القوة العظمى، وقابل الإعلام ذلك بزيادة منسوب الهجوم، وتابع العالم هذه المعارك، وكأنها مسلسل تلفزيوني مشوّق، خصوصاً ردود أفعال ترمب، التي استخدم فيها ألفاظاً فظّة، وطرد مراسلي بعض وسائل الإعلام أكثر من مرة، وكانت أشهر معاركه الشخصية مع مراسل قناة سي ان ان، جيم اوكستا، ولم يكن دفاع قناة فوكس نيوز اليمينية عن ترمب كافياً لمواجهة سيل الهجوم الجارف، من أبرز وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، ولكنه صمد، حتى تمت تبرئته، فكان خصومه هم من أول من اعترف بذلك، وسط ذهول شديد، وسنواصل الحديث في هذا السياق.