د. عبدالرحمن الشلاش
تمثل الاختبارات النهائية مرحلة حصاد لعام كامل، هكذا ينظر لها التربوي وولي الأمر وكذلك الطالب، ولشدة حساسيتها تحتاج لعناية خاصة وبالذات الجوانب البدنية والنفسية مع عزل كل الأجواء غير المناسبة والمؤثرة في التركيز وهذا دون شك دور الجامعة والمدرسة والأسرة.
صور ومقاطع شاهدتها في الفصل الدراسي الماضي. هذه الصور والمقاطع توضح كيف حولت المدارس بيئاتها إلى بيئات جاذبة بتقديم كل التسهيلات للطلاب والطالبات كي يؤدوا اختباراتهم في أجواء مريحة ومحفزة.
تنافست مدارس البنين والبنات على تقديم المشروبات الساخنة من شاي وقهوة إضافة إلى العصائر والمياه، والمأكولات الخفيفة، وهي تعبر من خلال الصور عن معاملات أبوية حانية، وأمومة بعواطف جياشة تستشعر في مجملها حاجة الأبناء والبنات للمساعدة في ظروف نفسية تستدعي وقوف الجميع ليس لأداء وظيفة روتينية يومية معتادة، وإنما مهام إِنسانية تستشعر حاجة الطلاب والطالبات للوقوف بجانبهم.
ما تقدمه جامعاتنا ومدارسنا خلال فترة الاختبارات عمل يستحق الثناء والتقدير خاصة إذا ما علمنا أن جزءًا من هذه الأعمال تطوعية تعبر عن استشعار الجميع لأدوارهم الإِنسانية بالوقوف مع طلابهم وطالباتهم وكأنهم أبناؤهم المقربون. تحويل أيام الاختبارات إلى فترة متعة واستجمام من عناء فصل دراسي طويل عملية رائعة، وفي نفس الوقت ليست بالسهلة واليسيرة، فنحن نعرف وخاصة أننا عايشنا أيام الاختبارات طلابًا ثم معلمين ثم أساتذة في الجامعات ما يمر به الطلاب من ضغوط نفسية تتمثل في الخوف والقلق والسهر ولحظات الترقب الطويلة خشية الرسوب أو الحصول على درجات قليلة جدًا، ثم نعلم وندرك جيدًا طبيعة الأساليب التقليدية التي كان المعلمون يمارسونها أثناء الاختبارات بالتهديد والوعيد، وتحويل القاعات إلى ساحات رعب. ناهيك عن الأجواء العامة داخل الجامعات أو المدارس أثناء هذه الفترة العصيبة بين طلاب يشتكون من المرض أو العطش أو الجوع ولا أحد يستجيب لهم! وقد يجابه الطلاب بألوان القسوة والتعنيف وهي أساليب أدت في أوقات مضت إلى نفور طلاب وطالبات المدارس وتركهم لمقاعد الدراسة كارهين لها وهم يحملون في نفوسهم ذكريات أليمة وموجعة إلا من مواقف إيجابية قليلة جدًا لمن كانوا يشفقون على طلابهم بدوافع إِنسانية محضة.
كشفت الصور والمقاطع الأخيرة عن أعمال جليلة تقدم مؤشرات لبداية عصر تعليمي يتطور فيه الفكر بتحول المعلمين والمعلمات إلى آباء وأمهات حقيقيين بتعاملهم الإِنساني الراقي، وبداية لمرحلة جديدة مختلفة لتحويل المدرسة لبيئة جاذبة يحبها الطلاب ويتمنون البقاء فيها أطول فترة ممكنة، ليس بالأكل والشرب والإمكانات المادية فقط وإنما بقرب المعلمين والمعلمات من طلابهم وطالباتهم ومعاملتهم بالرفق ومنحهم الحب دون ميوعة أو دلال ليستشعروا أن هذه التعاملات نابعة من حرصهم على مصالحهم، وأن المدارس هي أفضل المحاضن لتوجيه وتعليم الطلاب. بيئة صالحة وجاذبة ليس في أيام الاختبارات فقط وإنما طيلة أيام العام الدراسي.