أشاد عددٌ من خبراء السياحة العالميين بالمشاريع السياحية الكبرى التي أعلنت عنها المملكة وتستعد لتنفيذها، مشيرين إلى دورها المهم في التنمية الاقتصادية وتوفير فرص العمل للمواطنين والإسهام في جعل المملكة وجهة سياحية كبرى على مستوى المنطقة.
فقد أبدى السيد لوك شاتيل، وزير السياحة الفرنسي السابق انبهاره من المشاريع السياحية الكبيرة والمتقدّمة والتي ستسهم في جعل المملكة وجهة سياحية متقدمة في المملكة، وقال: «لقد انبرهت بمستوى الطموح الذي رأيته في هذه المشاريع وكيف تعكس تراث المملكة وأصولها وتسعى للمضي قدماً بالمملكة إلى المستقبل وتحافظ في الوقت ذاته على استدامة البعد البيئي والترحيب بالزوار من جميع انحاء العالم بخبرة مذهلة». وعن توقعاته لمستقبل السياحة في المملكة قال: «أعتقد أن السياحة في المملكة خلال الخمس السنوات القادمة ستكون موجهة لاستقطاب المجتمعات الدولية وستستضيف الزوار الدوليين من جميع انحاء العالم وستقدم عروضاً بمختلف المجالات، ليس مشروعاً واحداً فحسب، بل عدة مشاريع متنوّعة في جميع مناطق المملكة».
أما السيد جيرمان بوريس، وزير السياحة الإسباني السابق فقد أكد أن الاستثمار الهائل في السياحة الذي تتجه له المملكة سينعكس بشكل كبير على قوة وتنوّع اقتصادها، وقال: «هذه المرة الخامسة لي في المملكة وقد سنحت لي الفرصة لزيارة بعض المناطق في المملكة كمنطقة عسير، واندهشت بالاستثمارات التي رأيتها هناك لأني كنت أجهل إمكانيات المنطقة. لقد انبهرت بجميع المشاريع، فهناك استثمار هائل، وهناك اهتمام كبير من القيادة العليا في الدولة بالاستثمار السياحي، وأعتقد أنه من الضروري أن نكون واقعيين وأن يتم التركيز على المشاريع الأهم والمضي إلى الامام. ونعي تماماً ضرورة تغيير الإستراتيجية بالكامل لأن السياحية ديناميكية ومتغيّرة وتنافسية بطبيعتها. فعليكم دائماً تطوير الإستراتيجيات وأعتقد أن توقيتكم الآن مناسب تماماً».
وأشار إلى أهمية التركيز على السائح المحلي، وقال: «من الضروري التركيز على السوق المحلي. أتذكّر أن السوق المحلي في إسبانيا كان يشكّل 50 % من إجمالي المساهمة السياحية. إذن، السياح الداخليون مهمون جداً ومن ثم توفير البرامج عالية الجودة للزوار القادمين من بقية الدول».
ويرى السيد جيرالد لوليس - الرئيس التنفيذي السابق لشركة WTTC ، المستشار العالمي للسفر والسياحة أن المشاريع السياحية الكبرى التي تشهدها المملكة تمثّل نقلة نوعية مهمة.
ويقول: ما رأيته من مشاريع سياحية ضخمة كان مذهلاً للغاية، فمن الرائع رؤية الأهداف والرؤية التي رسمتها الدولة للسياحة، كلنا نعي أهمية السياحة للاقتصاد العالمي وللمجتمع المحلي على الأخص والفرص التي ستتوفر للمواطنين السعوديين وتمكنهم من المساهمة في النمو المستقبلي لبلدهم.
وأضاف: «لديكم منتج هائل هنا وتنوّع في المناظر والتراث والثقافة وفي كل ما يهم السائح، أعتقد أن المملكة سينظر إليها، وهذا الحاصل الآن، كوجهة يرغب الجميع بزيارتها ولكن لم يحظوا بالفرصة لذلك، وأعتقد أن المستقبل الذي تم رسمه للسياحة في المملكة قابل للتحقيق. نعم، سيكون هناك تحديات، ونعم إنه طموح هائل ولكن في رأيي ليس هناك ما يمنع تحقيقه، وسيتم تحقيقه بالتأكيد. أنا سعيد برؤية الفرص التي ستقدم للسعوديين وخصوصاً الشباب للمشاركة في القوة العاملة وأنا متأكد أنكم ستهتمون جداً بالبنية التعليمية لتأهيل المواطنين للعمل في صناعة السياحة والضيافة والتدريب المهني. يتحدث الجميع عن التعليم الجامعي، ولكنكم بحاجة أيضاً لعاملين في الفنادق ممن لا يحملون الشهادة الجامعية بالضرورة. وبالتالي، أعتقد أن التدريب المهني خصوصاً في مجال السياحة يحظى بنفس أهمية التعليم الجامعي».
وأكد أن المملكة ينتظرها مستقبل سياحي واعد، وقال: «لقد رأينا بطبيعة عملنا في مجلس السفر والسياحة العالمي ومنظمة السياحة العالمية أن مستقبل السياحة واعد جداً. أغلبية الناس لديهم ثروات وأموال متنامية ودائماً ما يمتلك الاشخاص الوسائل التي تمكنهم من السفر ورؤية المزيد من الوجهات. جميعنا نعيش على هذا الكوكب ونرغب باستكشاف المكان الذي نعيش فيه، وفي رأيي سيستمر الفضول للسفر دائماً وأبداً. طالما تمكن الناس من توفير تكاليف السفر فسيسافرون. ولذلك ارتفع عدد المسافرين إلى 1.3 بليون مسافر في السنة. وهذا أمر مذهل ولكن علينا جميعاً تحمّل مسؤولية الاستدامة البيئية، فيجب أن نحرص على عدم تخريب المنتج الذي نحاول الترويج له». ويعتبر السيد ماتيو رينزي، رئيس وزراء إيطاليا السابق أن المملكة تمتلك من المقومات السياحية ما يجعلها مؤهلة لتحقيق قفزة هائلة في السياحة والاستثمار فيها.
ويقول: «لقد تحدثت مع ولي العهد عندما كنت رئيس وزراء عام 2016 خلال قمة الـG20 في الصين، وأتذكر حديثه عن رؤية 2030 والتنمية المستقبلية في المملكة. والآن، بعد مرور سنتين ونصف أعتقد أن التطور ملموس خصوصاً في المجال السياحي. وهذا هام للغاية، وهو بلا شك مهمة صعبة لتحقيقها خلال الـ11 سنة المقبلة. ولكني أعتقد أن المملكة تمتلك جميع ما يلزم لتحقيق رؤيتها الجديدة وخصوصاً في مجال خدمة العملاء السياحيين من جميع أرجاء العالم. أعتقد أن المملكة ستلعب دوراً عظيماً في هذا المجال. لذلك، فالأمر مشوق جداً جداً وأنا سعيد لذلك».
ويؤكد الدكتور طالب الرباعي، الأمين العام السابق لمنظمة السياحة العالمية على أهمية ربط المشاريع السياحية الجديدة بالمجتمعات المحلية في المناطق التي ستنفذ فيها هذه المشاريع، ويقول: «أنا منبهر تماماً بما أعلنت عنه المملكة من مشاريع سياحية جديدة ولم أكن أتوقع هذا الحجم الكبير من المشاريع. وواضح أن هناك سعودية جديدة بدأت تظهر على السطح. وخلال الفترة لغاية 2030 سيكون هناك الكثير من العمل. الشيء الوحيد الذي أريد قوله أننا يجب أن نعطي وزناً أكبر للعلاقة بين هذه المشاريع والمجتمع المحلي المحيط بهذه المشاريع. أنا واثق بأن هناك الكثير من الدراسات عن هذا الموضوع لكن أريد أن أعرف أكثر عن هذا الأمر. كيف ستنظّم العلاقة بين المجتمع المحلي الموجود في هذه المناطق والمشاريع الجديدة؟ لأن هذه المشاريع لو بقيت كجزر معزولة، لن يكون لها مستقبل. لكن أنا واثق أن هذه الأمر تم التفكير به وسنناقشة بشكل أكبر». وكانت المملكة قد أعلنت عن عدد من المشاريع السياحية الكبرى ضمن رؤية المملكة 2030 والتي ستُقام في عدد من مناطق المملكة.
فقد وضع خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله- لمشروع القدية حجر الأساس له كوجهة ترفيهية واجتماعية نوعية وصف بأنه المشروع الترفيهي الحضاري الأضخم من نوعه في العالم، حيث بدأ العمل في المشروع في 28 أبريل الماضي.
ويمتد مشروع القدية على مساحة 334 كيلومتراً مربعاً، وهي مساحة أكبر من ديزني لاند الأميركية بثلاث مرات، وتضم جبالاً وأودية وإطلالة على الصحراء قريبة من الطريق السريع، وتبعد 10 كيلومترات عن آخر محطات المترو، و40 كيلومتراً من وسط العاصمة الرياض، ومن المتوقّع أن يضيف المشروع نحو 17 مليار ريال سنوياً للاقتصاد السعودي.
كما أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، في أكتوبر 2017 عن مشروع لإنشاء منطقة استثمارية تجارية وصناعية وسياحية على الساحل الشمالي الغربي من البحر الأحمر يحمل اسم «نيوم»، حيث تبلغ تكلفة المشروع 500 مليار دولار، ويقع المشروع أيضاً على البحر الأحمر وخليج العقبة بمساحة إجمالية تصل إلى 26500 كيلومتر مربع. تمتد من شمال غربي المملكة، وسيتضمن المشروع إنشاء 7 نقاط جذب بحرية سياحية ما بين مدن ومشروعات سياحية في نيوم، بالإضافة إلى 50 منتجعاً و4 مدن صغيرة في مشروع سياحي منفصل بالبحر الأحمر، وتنتهي المرحلة الأولى من المشروع في 2025 .
وفي 31 يوليو2017 أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن إطلاق مشروع «البحر الأحمر» السياحي والذي يُقام على أحد أكثر المواقع الطبيعية جمالًا وتنوعًا في العالم، بالتعاون مع أهم وأكبر الشركات العالمية في قطاع الضيافة والفندقة، لتطوير منتجعات سياحية استثنائية على أكثر من 50 جزيرة طبيعية بين مدينتي أملج والوجه.
ومن المقرر الانتهاء من المرحلة الأولى في الربع الأخير من عام 2022 وخلال هذه المرحلة سيشهد المشروع تطوير المطار، والميناء، وتطوير الفنادق والمساكن الفخمة، بالإضافة إلى الانتهاء من المرافق والبنية التحتية، كما سيتم تجهيز خدمات النقل مثل القوارب، والطائرات المائية، وغيرها من الخدمات التي تساعد في تميز مشروع البحر الأحمر، ويتوقّع أن يساهم مشروع البحر الأحمر السياحي في زيادة إجمالي الناتج المحلي في المملكة بمعدل 15 مليار ريال سنوياً وتوفير آلاف من فرص العمل التي تقدّر بحوالي 35 ألف فرصة عمل بمجرد اكتمال تطوير المشروع.
كما تم الإعلان عن مشروع «أمالا» الذي كشف عنه صندوق الاستثمارات العامة لقائمة المشاريع السياحية الكبرى التي تعتزم المملكة تنفيذها خلال السنوات المقبلة لتجعل من قطاع السياحة في مقدمة القطاعات التي تعوّل عليها المملكة في المستقبل ضمن خطة شاملة تستهدف تنويع الاقتصاد السعودي، وبانضمام مشروع «أمالا» إلى مجموعة البحر الأحمر والتي تضم مشروعي «نيوم» والبحر الأحمر»، حيث تهدف جميع المشاريع القائمة على البحر الأحمر، ويحتل موقعاً مركزياً بين أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط، ومن المتوقّع أن يسهم المشروع بالارتقاء بمفهوم الفخامة لمستوى غير مسبوق عبر توفير باقة من التجارب العصرية الفريدة.
وتستهدف المملكة بتنفيذ المشاريع مشاريع استقطاب السياح من مختلف دول العالم على أن يكون تغير وجهة سياح الداخل ومنطقة الخليج نحو المملكة في مقدمة الأولويات بتوفير الخدمات التي تناسب مختلف الشرائح.