استكمالاً للاستشارة التي نُشرت في العدد السابق من هذه الصفحة يوم الجمعة 15 مارس 2019 استجابة لإحدى السيدات الكريمات، يمكنني تلخيص الاستشارة المطولة على النحو الآتي:
سوء معاملته؛ فهو يقسو على أولاده عند ارتكاب مخالفة شرعية ظاهرة بسيطة، كما أنه فاقد لسيطرته على أعصابه، سريع الثوران، عصاته لسانه! أضف لذلك أنه يتعامل معك بفظاظة، ويمارس معك أساليب تعسفية بغرض التأديب كما يزعم.. يهددك بالطلاق تارة، وبالزواج من أخرى تارة أخرى... إلخ.
وكذلك فقد تناولتُ بالمعالجة موضوع سوء التعامل في العدد السابق، ولم يتسنَّ لي إكمال ما يخص كثرة تهديده لك بالطلاق والمطالبة بترك الوظيفة و..
1 - سأذكِّرك هنا بطبيعة الذَّكَر؛ فقد خلقه الله للقيام بالنفقة وتحمُّل متاعبها.. هو لا يضجر من ذلك، بل إن ذلك يُشعره بالرضا عن الذات، ويُشعره برجولته وقوته؛ فهو حامٍ للأنثى، ويقضي حوائجها، وقائم بشأنها. هذا هو الأصل. وحين قمتِ ببعض مهامه نيابة عنه هو شعر بالمرارة والنقص في قرارة نفسه، وقد حاول تعويضك ماليًّا مرارًا كما ذكرتِ (ويُشكر على ذلك). والمطلوب منك حفظ جميله، ولكن ربما حدثت تطورات (لم تذكر)، كنت معها تذكرينه بوقوفك بجانبه، وهو بدوره فهمها أنها مِنّة وتفضل منك! وسيفهمها كذلك نظرًا لحساسية الموقف وتربصه له. حينئذ تحوَّل ما في نفسه إلى شعور بالغضب والاستياء والنقمة منك.. ولكن هذه المرة سوَّلت له نفسه إغاظتك وإثارة القلق داخلك عن طريق محاولاته تهديدك بالزواج بأخرى، أو التنقص من قدرك بهجر مرقدك أو.. الخ.
2 - وأنت أمام هذا المد الهادر من التصرفات الاستفزازية لم يبقَ أمامك إلا استرضاؤه، ومحاولاتك الدائمة لتلطيف الأجواء، وكثرة الاعتذار، وإغراقه بكلمات الرقة، وإظهار الأسى والندم وووو.. قائمة طويلة مهدرة من التصرفات، قمتِ بممارستها معه لم تنفعك! تدرين لماذا؟! لأن الذي يقف وراءها نية ضعيفة وهشة ومضطربة، هي الخوف من الخسارة، والخوف من الفَقْد، والخوف من الهجران.. إنه الخوف مرة أخرى هو ما دفعكِ للتوسل إليه وهو ما يخذلك أيضًا، وسيخذلك في كل مرة. أنت بالخوف منه تغرينه بالتمادي، تغرينه بفرض مزيد من السيطرة، تدفعينه لتصديق كذبة أنه على حق!
تحلَّي بالشجاعة، اسألي نفسك ما أقصى ما يمكن أن يمارسه ضدي؟! لن يصل إلى حد الموت على أية حال.
3 - إن أخطأتِ مرات في حقه حين (مننت) - وإن كانت بنية التذكير - عليه بمساعدته ماليًّا فقد أخطأتِ في حق نفسك مراتٍ كثيرة لتذللك الزائد له، وهو كذلك فقد أخطأ في حقك مرارًا لردود أفعاله غير الناضجة. تذكري ذلك جيدًا.. لم أسُقْ هذا التذكير بغرض التحريض، وإنما بغرض توضيح الصورة لك؛ فأنتِ لم تعطي نفسك حقها من التكريم بداية ونهاية. أكرمي نفسك، واعرفي قدرها؛ فهي من صميم مسؤوليتك. تذكري وأنت ذات الخلفية الدينية أن المرأة الودود التي تضع يدها في يد زوجها، وتقول لن أذوق غمضًا حتى ترضى هي ترياق سحري المفعول في حق النفس السوية الناضجة، لا شديدة الحساسية والمضطربة. سيفعل ذلك مرارًا؛ ليشفي شعورًا لديه بالنقص، وسيعتاد ممارساته تلك؛ ليتمادى في إذلالك.
4 - أنتِ الجانب الأقوى؛ لأنك ما زلتِ حريصة على التمتع بصحة نفسية متينة على الرغم من تجرعك للأسى.. ولأنك ما زلت الشخصية واضحة المسلك، ثابتة الدين. وتذكري أن الله الذي خلق الذَّكَر خلق الأنثى، ولم يفرق بينهما في حق الإنسانية والكرامة والحرية.. والاختيار لأي منهما. هذه من أهم قواعد الدين وأسسه.