ميسون أبو بكر
رئيسة وزراء نيوزيلندا «جاسيندا أرديرن» التي تحدت الإرهاب بالحب، والعنف بالسلام، وسمت وعلا شأنها في نفوس الكثيرين حول العالم، هي امرأة وقائدة تستحق جائزة نوبل للسلام بجدارة، حيث ضمدت بإنسانيتها وما قامت به جراح من آلمه الهجوم الإرهابي الذي هزّ العالم في نيوزلندا منتصف الشهر الحالي والذي أودى بحياة خمسين من المصلين الآمنين في بيتين من بيوت الله في مدينة كرايستشيرش، ثم كشفت التحريات لاحقاً أن الهدف الثالث للإرهابي كانت حضانة أطفال في المدينة نفسها، ولعل هذا الجرم اللا إنساني هو حدث وحشي ضد أي دين أو ملة.
على الرغم من أرواح الضحايا التي أزهقت وقلوب الملايين التي تابعت الحدث وفطرت، إلا أن العمل الإرهابي وحَّد قلوب العالم وأفئدتهم على اختلاف أديانهم وأجناسهم وألوانهم، وقد حول البلد الذي يقع في نهاية العالم بالنسبة لموقعنا الجغرافي إلى بلد نموذجي قادته رئيسة وزرائه إلى أبعد أفق في ضرب مثال مشرق من الإنسانية والمحبة ورفض العنف وخطاب الكراهية.
وفاة خمسين مصلياً ومقطع الفيديو الدموي الذي نشره الإرهابي منفذ العملية، والبيان الذي يتخطى الحدود ويدعو للكراهية وسفك الدماء، ثم نوايا عملية ثالثة في حضانة أطفال، وفزع من نجا، وفجيعة أهل الضحايا، ودهشة العالم وهو يحدق في تفاصيل عملية دموية تكاد تكون غير مسبوقة بهذا السيناريو: كل ذلك ينبئنا بأن العالم على فوهة بركان يغلي إن لم ننتبه لفداحة الإرهاب ولخطاب تلفظه كل الديانات، والذي تنبهت رئيسة الوزراء النيوزلندية لأثره البالغ ومقدار التداعيات التي يمكنها أن تهدد العالم وتزعزع أمنه وتذهب ببلادها إلى شفير هاوية، فسارعت لإدانة الإرهاب والتركيز على الضحية مع تجاهل كل ما صدر عن الجاني من قول وخطاب وذلك لوأد أحلامه السوداوية ومشاريعه الدموية المستقبلية، ثم دعمها المطلق وبسبل متعدّدة للمسلمين حول العالم عامة وداخل نيوزلندا بخاصة سواء بارتدائها الحجاب أو بمشاركتها مسلمي المنطقة في صلاة الجمعة وأمور عديدة أنعشت الأرواح المتعبة والقلوب التي فطرها ما رأى أصحابها وما عانوا.
الإرهاب كافر.. وهو الكابوس الذي يهدّد العالم بأقنعة قد تختلف وبواقع أليم، واجهته المملكة منذ التاريخ الأسود لحادثة الخبر في أوائل الثمانينيات والذي دبرته إيران، وقتها أطلقت المملكة الصرخة الأولى في العالم وقرعت جرس الخطر داعية إلى تحديه، واليوم شهدنا عودة الإرهاب العنصري بأشكاله عابر للقارات ينذر بشؤم إن لم نتصدى له.