أ.د.عثمان بن صالح العامر
غرد (الدكتور هاني طلال الجهني) على ما جاء في برنامج (mbc في أسبوع) من أن جراحاً سعودياً يزيل ورماً دماغياً معقداً ويتحدث للمريض في أثناء العملية، أقول غرد هذا الدكتور الذى أجرى العملية محل الحديث، بما نصه: «تعليق على الخبر: هذا النوع من العمليات يجرى بفضل الله في بعض المراكز المتقدمة في بلدنا الحبيب.
إجراء هذه العملية ليس إنجازا، بل هو ما تدربت على فعله قرابة التسع سنوات.
الإنجاز هو أن ترى ابتسامة المريض تعود له مباشرة بعد العملية حتى لو كانت عملية خلع أسنان بسيطة».
هناك من الناس من يجعل معياريته في الإنجاز مقدار ما يدخله على الآخرين من سعادة وما يولده من فرح، ولذلك هو لا يكترث كثيراً بما يحققه لذاته من إشباع للذة أو حصول على منفعة خاصة بمقدار اهتمامه بابتسامة إنسان أقعده المرض وهده التعب واستقر به الحال على السرير الأبيض ينتظر الفرج من الله ثم من الفريق الطبي الذي يرقب تحركاتهم ويسمع همساتهم بين الخوف والرجاء وقلبه معلق بما عند الله من رحمة وشفاء.
هذا الصنف من البشر يختلف عن الشخص الأناني الفردي الذي همه تحقيق منافعه الخاصة ولو على حساب الآخرين، وغاية مناه ومنتهى آماله الشهرة الذاتية ونيل المصلحة الفردية، يتراقص طرباً حين يذكر إنجازه، ويتكبر بطراً عندما يكون هو دون غيره محل الاحتفاء والاحتفال والذكر والتبجيل، كما أن هذا الإنسان يتعالى بما منحه الله من حب للخير وإسداء للمعروف وهمة عالية وعطاء مميز وجد وتعب عن أولئك الناس الذي يعيشون وهم الإنجاز وهم لا يعلمون، يصفقون يتراقصون، يتراهنون، يسخرون ويتهكمون، من أجل فريقهم الذي يعشقون، ويظنون أنهم هم بذواتهم منجزون حين يفوز أو يحقق هذا النادي المحبوب لهم بطولة ما، وهم في الحقيقة مجرد رقم في قائمة المشجعين، لا شيء قدموه ويقدمونه سواء لأنفسهم أو لوطنهم وأهلهم غير الصراخ.
إنني في الوقت الذي أفرح وأسعد بهذا الإنجاز الطبي لطبيب سعودي، أسر أكثر لكون هذا المُنجز الشاب بهذه العقلية ذات البعد الإنساني الرائع، ولا يعلم عمق دلالة ما قال عن (ابتسامة المريض بعد العملية) إلا من عايش هذه اللحظة وقرأ أبعادها قراءة نفسية عميقة، فشكراً لك دكتور هاني ولأمثالك من الأطباء، ولكل من استشعر أهمية ابتسامة كل محتاج سواء أكان مريضاً أو فقيراً أو يتيماً أو طالباً أو عاملاً أو ضالاً أو مظلوماً أو حائراً أو... والله لا يضيع أجر من أحسن عملا وإلى لقاء والسلام.