فيصل خالد الخديدي
رحل قبل أيام إلى الرفيق الأعلى الفنان المصري عمر النجدي عن عمر يناهز ثمانية وثمانين عامًا قضى جلها في خدمة الفن والإنتاج التشكيلي حتى غدا من أبرز الفنانين العرب وفناني الشرق الأوسط وحقق حضورًا عالميًا مميزًا بأعماله وسجل أرقامًا منافسة في مزاد كرستي في دبي عام 2016 ببيع عمله (سراييفو) بمبلغ تجاوز مليون دولار الذي عبر فيه بموضوع إِنساني عن المذابح التي حصدت أرواح الشعب البوسني وتعد من أهم اللوحات المؤثرة في موضوع ويلات الحروب.
والفنان عمر النجدي -رحمه الله- يعد من الجيل الأوسط في مسيرة الفنون التشكيلية بمصر وهو من أواخر من تتلمذ على يد الفنان أحمد صبري ومن أوائل تلاميذ الفنان حسين بيكار، ويعد من أهم مبدعي الفنون التشكيلية المصرية واختط طريقه في الفن بأسلوب نابع من بيئته عبر فيه عن وجدان الشعب ونبض الشارع بموضوعات تلامس قضايا الإِنسان والحرية والكفاح ضد الظلم والعنصرية وجمع بين الدراسة الأكاديمية والممارسة الفنية الدائمة وكان أستاذًا للفنون في أكثر من جامعة منها جامعة الملك سعود في الرياض، وكان قد جمع بين الفنون الجميلة والتطبيقية في دراسته وتدريسه، حيث درس الفنون الجميلة في قسم الدراسات الحرة لمدة خمسة أعوام ودرس الفنون التطبيقية لخمسة أعوام ودرس في أكاديمية الفنون في فينسيا ودرس في هولندا لمدة عام في الحفر وسلك سكرين، إضافة لممارسته الدائمة وتجريبه في مجالات الفنون المختلفة وملامسته بموضوعات أبناء بيئته وقضايا إِنسان الشارع.
ترك الفنان عمر نجدي -رحمه الله- إرثًا فنيًا ضخمًا من الأعمال المتنوعة الأساليب بين تجريدية وسريالية وأعمال الخط العربي وبخامات متنوعة بين الحديد والخشب والصلصال والمعادن والرمل، وعرضت أعماله بجانب أعمال بيكاسو وسلفادور دالي في كثير من المعارض الدولية في ستينيات القرن الماضي، كما سجل مئات المشاركات في المعارض المحلية والدولية وحقق أكثر من 16 جائزة دولية، وشُيد له متحف خاص بأعماله في فرنسا أفتتح عام 2002م، واقتنيت عديد من أعماله في متاحف عالمية مثل متحف الفن المعاصر بفينسيا والمكتبة الوطنية في باريس ومنظمة راسكينج في بريطانيا وغيرها من الإنجازات المبهرة لمسيرة فنان عظيم حقق التميز والإبهار عالميًا بهويته المحلية.