د. خيرية السقاف
«الكتابة» للكاتب هي تمثيل حقيقي للإنسان، حين تكون سبيله في الحياة..
فهي كلامه الذي ليس باستطاعته أن يمنعه عن الخروج من فمه،
وهي صوته الذي لا يبقى حبيس مخارجه،
وهي نفَسُه الذي لا يحيا دون شهيقه، وزفيره،
ومكنونه الذي تبثه نبضاته، ونظراته، وملامحه،
ورغائبه التي ينطق بها عمله، وفكره، وسلوكه،
وآماله التي يسعى إليها في معترك حياته الصاخبة من حوله ريحاً تعبث، وهواء ينعش، وزهراً يعبق، ورغيفاً يأكل، وماءً يشرب، وطريقاً يمشي، ورفيقاً يصحب، ودوراً يؤدي، ومسؤولية يتولى، وأمانة يحمل..
وليس بإمكان بشر من الخلق أن يعطّل كل هذا فيه وروح تدب في وريده؟!..
أجل،
الكتابة هي روح الكاتب..
وليس يملك أمر تعطيل موجبات هذه الروح فيه؛ صوته، كلامه، أنفاسه، نبضه، مشيه، فكره، حسَّه، سمعه، إبصاره، مخيلته،
ومكنونه الممتزج كل ما فيه بكل ما يأتيه..
الكتابة ليست عبثاً، ولا ترفاً، ولا فضلة من القول، ولا خربشة في أديم، ولا تباهياً في ضوء،
إنها في جملة واحدة هي إنسان في واقع، لا يغادره إلا متى غادرته الروح.