محمد سليمان العنقري
قرار الاستثمار لا يُتخذ بالعاطفة؛ فكثيرًا ما تسمع إحدى كلمتين من المتعاملين بأنه متفائل أو متشائم من اتجاه السوق أو السهم. وفي الحقيقة كثير من هذه النظرة تُبنى على تأثير اللون الأحمر أو الأخضر، أي الهبوط والصعود في الاتجاه.. ولكن لو سأل أي مستثمر نفسه عن سبب قراره الذي اتخذه في البيع أو الشراء، هل كان وفق معايير الاستثمار العلمية؟ لكانت أغلب الإجابات «لا»؛ لذلك تزداد حالات التخبط بالتعامل مع السوق، والنتائج تكون استمرارًا في تحقيق الخسائر.
الأسواق المالية تتميز بسرعة الحركة والحساسية العالية تجاه الأحداث، وكذلك قرارات المتعاملين فيها، ولكن في نهاية المطاف هي تتجه على المديَيْن المتوسط والطويل إلى أهدافها، سواء كانت سلبية أو إيجابية تبعًا للحالة الاقتصادية محليًّا وعالميًّا.. لكن مع طبيعة الأسواق التي تعمل خمسة أيام في الأسبوع، ولسبب التغيير السريع في حركة أسعار الأسهم، فإن المستثمرين الذين يتابعون حركة السوق يوميًّا يصبحون عرضة للضغوط النفسية التي تؤثر في قرارهم بالشراء أو البيع، أي إن التغذية تكون متبادلة بين قرار المستثمر ولون سعر السهم أو مؤشر السوق «أخضر أو أحمر».
إن التعامل بالسوق المالية، سواء مستثمرًا أو مضاربًا، لا بد أن تحكمه المعايير العلمية والمهنية التي يُتخذ على أساسها القرار بالسوق؛ فالعاطفة لا تحقق الربح أو النجاة من الخسارة؛ فكل متعامل يجب أن يسأل نفسه قبل أي خطوة يتخذها: ما هي العوامل التي ستحدد قراراه؟ فهل لو أراد شراء سهم يكون قد تحقق من أنه فرصة جيدة؟ وكذلك في حال البيع هل يسأل نفسه بأن السهم فوق قيمته أو أنه فنيًّا أصبح ضعيفًا؟ والحال تنطبق على السوق نفسها، هل استثمر فيها أم ابتعد عنها؟ إن الإجابة عن هذه الأسئلة الرئيسية للتعامل مع الأسواق تتوافر الدقة فيها فقط في التحليل الأساسي والمالي والفني، وما عدا ذلك فهي إجابات عاطفية، تؤدي إما لضياع الفرص أو للخسائر.
السوق المالية لا تعترف بالقرارات العاطفية؛ فنتيجتها الخسائر.. ويعمل صناع الأسواق والمؤثرون بحركتها على عاملَي الخوف والطمع لدى المتعاملين عمومًا؛ لأنهما من طباع البشر التي يشترك بها الجميع؛ ولذلك تزداد القرارات العاطفية في الأسواق لدى الأفراد؛ لأن غالبيتهم محدودو الخبرة؛ فيتأثرون بالإشاعات، وبسرعة الحركة في الأسواق.. ففي فرنسا قُدمت دراسة قبل أكثر من عشرة أعوام، تقول إن واحدًا فقط من كل عشرة آلاف مضارب يومي بالسوق يكسب؛ لأن القرار العاطفي يغلب على تعامل الأغلبية. وهذا ينطبق على كل الأسواق في العالم. وللتغلب على العاطفة لا بد من اتباع المعايير الصحيحة للتعامل مع الأسواق، وأخذ الاستشارة من بيوت الخبرة، أو الاتجاه للاستثمار من خلال المؤسسات المالية لتحقيق أفضل فائدة ممكنة من الأسواق.