أمل بنت فهد
بين الخير والشر معركة أبدية، بدأت مع الإِنسان ولن تنتهي إلا معه، لا انتصار فيها ولا هزيمة، وإن كانت المثاليات تعدنا بالمستحيل، فإنه لا الخير سينتصر ولا الشر كذلك، قدرهما صراع أبدي مهما فعلنا، ولستُ متشائمة، إنما هي الواقعية تفرض نفسها، فهذا المخلوق المدعو بالإِنسان تسكنه رغبات مجنونة، ودموية، وغرور، وغرائزه البدائية تفرض نفسها وتخرج للعلن، مشوهة كانت أم سوية، لذا يحاول الخير بأهله أن يقاوم، وتارة يقاتل، في سبيل اجتثاث الشر وأصحابه، وقطعًا لن يستطيع أن يبدده، إنما يمكنه أن يحد من سطوته، وانتشاره، وما هذا الإرهاب العاصف في كل مكان، إلا تبعات الشر الذي أوجده الإِنسان ولا أحد غيره، في سبيل السلطة، وبذريعة الأفضلية، وبأدوات عدة، تحاول في كل زمن أن تلبس عباءة مختلفة، إلا أن منبعها وأصلها واحد لم يتغير.
فإذا علمنا أن للإرهاب رأسًا مدبرًا، ومحرضًا مفوهًا، وممولًا، وأدوات هي من تسفك الدماء البريئة، تلك الأدوات جاهزة لإطلاق الرصاص، وللانتحار، فأي أذرع الإرهاب حين نقصها، نحد منها! لا أحد منهم أهم من الآخر، إطلاقًا، فهي معادلة متكاملة، تأتي دفعة واحدة، والأهم من كل ذلك أن نعرف ونؤمن أن الإرهاب يقوم بكل قوته على الفكرة والمعتقد، كما هي سلوكيات الإِنسان في مجملها، لذا فإن العالم كله شرقه وغربه، شماله وجنوبه، معرض لهجمات الإرهاب، قليلاً كانت أم كثيرة، فالإرهاب لا يستثني دينًا، ولا عرقًا، ولا لونًا، لأنه صنعة الإِنسان منذ الإِنسان الأول، وكل ما يشاع مجرد محاولة لحصره وهو لا يحصر في زاوية.
لذا إن أراد العالم أن يقف في وجه الإرهاب، فلا يكفي السلاح، ولا القوة، ولا الاستخبارات، إذا كانت بمعزل عن تغيير تفكير الإِنسان، وإيجاد أسباب الحياة، فالإِنسان إذا تعلق بالحياة، وتعلم الحب، وتخلص من الكراهية، وعقدة الأفضلية التي تقوده إلى شيطنة الآخر، فإنه يصعب عليه التدمير، إنها الرحمة التي فقدها، ففقد البراءة، وبات الدم المسفوح منظرًا طبيعيًا، وهو جريمة.
كل شيء واضح، والعالم بات يستطيع أن يتعاون فيما بينه، لكنه يحتاج لتوحيد الجهود الإِنسانية، مثلما يخلق تحالفات عسكرية، فالخير في الإِنسان يصدأ إن لم يتعلم كيف يجدده، إن لم يتعلم كيف يتعايش ويتكيف مع الآخر، إن لم يتقبل بني جنسه دون فرض أفكاره عليهم.
رحم الله من قضى نحبه في لحظة غادرة، وأعان أسرهم وأحبابهم على التعامل مع الفقد الذي سيتبعه غضب وقهر.