فوزية الجار الله
لو سألني أحدهم أو إحداهن ذات غفلة أو يقظة، ما الذي يراود ذهني بين فترة وأخرى؟ لقلت إن لديَّ قائمة من أفكار وتساؤلات، يتصدرها سؤال أود أن أتقدم به للكتاب والكاتبات، من تلك الفئة الملتزمة بزاوية صحفية دورية، يومية كانت أو أسبوعية: هل لديهم إحساس قوي بأن ثمة قراء متابعين لهم؟ وهل اختلفت تلك المتابعة ما بين الوقت الحالي وما قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، أتوقع أن الأغلبية ستكون إجابتهم بـ «نعم»! إذ لم يعد ثمة قراء الآن كما كان الأمر في السابق، قبل ظهور الإنترنت وقد زاد الأمر انحسارًا بعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي! في السابق كان بعض القراء يجهدون أنفسهم في كتابة تعقيب على مقال لافت للانتباه أو يرونه مهمًا من وجهة نظرهم، كان أولئك القراء يبذلون جهدًا ويكرس بعضهم شيئًا من وقتهم لكتابة رد أو تعقيب عبر رسالة خطية تصل كاتب المقال عبر بريده الخاص أو عبر بريد الصحيفة أو المطبوعة التي يتعامل معها..
نعم هناك فرق واضح يلمسه الكثير من الكتاب المخضرمون (وأقصد بهم من عاشوا فترة ما قبل الإنترنت وما بعدها)..
ظهور الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة قدَّم لنا الكثير من الخدمات والتسهيلات، إلا أنها من جانب آخر أفقدتنا الكثير من الأشياء الجميلة الأخرى، أفقدتنا الهدوء والسكينة والتركيز بسبب ضجيج الأصوات، وذلك الموج الهادر المتدفق من المعلومات التي اختلط خلالها الحابل بالنابل والصادق بما هو خادع أو مزيف.. في هذا الزمن أصبح الكثيرون يبحثون عمَّا هو سهل ومتاح، البعض يفضل متابعة إحداهن أو أحدهم على «السناب شات»، حيث يقوم بتسليتهم وإمتاعهم وسرد الحكايات شفاهة لهم، سواء حكايات حول آخرين أو حكاياته الخاصة، وربما يقوم بتقديم الجوائز للمتابعين بين فترة وأخرى، البعض يفضلون من ذكرت ويعرضون عن كاتب يرهقهم بتتبع كلماته وسطوره بحثًا عن متعة أو فكرة غائبة! ورغم هذه الحقيقة المرة، إلا أنها لن تكون عقبة أو عائقاً..
فلن يتخلى كاتب -مؤمن بالكلمة مخلصاً- لها عن كتابته، فقد رضي برفقتها والمجاهدة لأجلها زمناً لا يستهان به، لن يتخلى عنها بسبب ظروف عابرة ربما تتغير يوماً ما.. هذه الظروف تعيد مرة أخرى إلى الأذهان سؤالاً قديماً يتجدد، لماذا تكتب؟! هذا السؤال وجدت إجابة له عبر مقالة لجورج أورويل يتحدث فيها عن دوافع الكتابة، ويرى أنها توجد بدرجات متفاوتة ما بين كاتب وآخر، أذكر منها باختصار:
1) حب الذات.
2) الحماس الجمالي، إدراك الجمال في العالم الخارجي.
3) الحافز التاريخي: الرغبة برؤية الأشياء كما هي، لاكتشاف حقائق صحيحة وحفظها من أجل استخدام الأجيال القادمة.
4) الرغبة في دفع العالم في اتجاه معين، لتغيير أفكار الآخرين حول نوع المجتمع الذي ينبغي عليهم السعي نحوه.
الدافع الأخير يبدو أمراً لافتاً هو أكثر الدوافع صعوبة وفيه أكثر من وجهة نظر.