لم تترك وسائل التواصل الاجتماعي لا شاردة ولا واردة إلا ألقت الضوء عليها فإما أن يكون الأمر حقيقة وإما أن يكون مفبركاً لأهداف ومرامي مقصودة.
جاءني فيديو عن ما قيل إنه مكب نفايات مدينة الرياض الجديد في جنوب المدينة. وفرحت بهذا الفيديو لأنني توقعت وكنت أمني النفس أن يكون المكب على نمط آخر ما توصل إليه العقل البشري من التطور والرقي في العالم فهناك دول مثل أمريكا، ألمانيا والبرازيل واليابان وسويسرا وغيرها لديهم مكبات نفايات حديثة جداً تستغل فيها النفايات وتتلف بطرق مبتكرة حديثة وسريعة لا تأثير سيء فيها على البشر أو البيئة.
وأذكر أنه قبل سنوات عرضت إحدى محطات التلفزة فيلماً مصوراً عن مدينة صغيرة في البرازيل تسمى مدينة كويكبا خطط نظام المواصلات والنقل والتخلص من النفايات فيها مهندس فرنسي عبقري مقيم لم أر أروع ولا أجمل وأبسط وأرخص مثله في العالم مما جعل تلك المدينة المتوسطة الحجم تفاخر وتباهي جميع مدن العالم المتطورة بطرق مواصلاتها ونظافتها وعبقرية ابتكاراتها الرائعة ليس في هذه المواصلات الجميلة والميسرة والرخيصة فحسب بل بنظامها البديع في التخلص من نفاياتها وجعلها مدينة صحية متطورة ليعيش الإنسان في بيئة حضارية جميلة نظيفة هانئة وهادئة فلديها قطارات تحت وفوق الأرض تربط أحياءها وضواحيها بعضها ببعض وتربطها بالقرى والمدن القريبة منها ثم خطوط مواصلات بحافلات متقدمة زاهية الألوان ومتعددة تظفر بمبتكرات تضمن وتيسر ركوب ونزول قاطني المدينة بمختلف الأعمار من كبار السن والعجزة والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة بكل يسر وسهولة وأمان. أما طريقة التخلص من النفايات المنزلية فعجيب أمرهم حيث يقوم كل صاحب منزل بتعليق كيس على سور المنزل يحتوي على ما يريد التخلص منه ويمر فقراء المدينة يلتقطونه ويجمعون حصيلتهم ويأخذونها بعربات إلى أمكنة مخصصة في المدينة تمر بها حافلات للنفايات ويتخلصون بما لا يريدون من علب البلاستيك والستيل في صناديق وكل صندوق يتميز بلون معين بعدها يؤخذ منهم ما جمعوا ويوزن ثم تمر حافلة كبيرة يومياً في ساعة مبكرة بها فواكه وخضراوات متنوعة ولحوم ودجاج فيعطى كل حسب وزن ما جمع بما يريد من هذه الفواكه والخضراوات واللحوم ثم يعود هذا الفقير بحصيلة جيدة تكفيه مؤونة ذل التكفف والسؤال بل ويعطي ما يفيض عن حاجته لجيرانه.
نظام تكافلي إسلامي بديع ومدينة لا صخب فيها ولا نصب تسر الناظرين بطرقاتها العصرية المزدانة بالأشجار والزهور ليعيش فيها الناس آمنين مطمئنين هانئين فيا ليت شعري تكون لدينا طرق مبتكرة وجميلة كهذه وعندما أفيق من أحلامي أسترجع صورة مكب الرياض للنفايات البدائي جداً تشمئز نفسي من قبح المنظر وبشاعة طرق التخلص من النفايات بطرق بدائية حيث تأتي شاحنات المواد والأغذية المنتهية الصلاحية لترميها العمالة كيف ما تم في هذه الأرض الشاسعة.
العتب كل العتب على وزارة البلديات والشئون القروية وعلى أمانة مدينة الرياض التي لم تتعاقد مع خبراء عالميين وتنشئ مصانع للتخلص من هذه النفايات بطرق حضارية ونظيفة تتماشى مع التقدم التكنولوجي وعصر النهضة السعودية.
مدينة صغيرة في مثل هذه البلاد القاصية وغير غنية وتعج بمئات الملايين من السكان الفقراء ولديهم هذا التقدم وهذه الأنظمة المبتكرة العصرية والمتطورة وهذا النعيم ونحن في بلد غني قليل السكان تمتلئ مدننا بالنفايات؟!