في بداية الأمر نحتاج إلى أن نتعرف على مفهوم الرضا الوظيفي بتركيز حتى يمكننا أن نحدد هل لدينا انتماء وظيفي لجهات عملنا التي كرسنا أوقاتنا لمعالجة أمور العمل وتنشيط الإنتاجية المستهدفة في خططها وفي رؤاها المستقبلية. نلاحظ أن موضوع الرضا الوظيفي هو أحد الموضوعات التي حظيت باهتمام كبير من علماء النفس والمختصين؛ فمعظم الأفراد يقضون جزءًا كبيرًا من حياتهم في العمل؛ وهذا جعلهم يبحثون عن الرضا الوظيفي، ودوره في حياتهم الشخصية والمهنية. كما أن هناك وجهات نظر مدعمة للرضا الوظيفي الذي قد يؤدي إلى زيادة الإنتاجية، ويترتب عليه الفائدة للمؤسسات والعاملين بها؛ وهو ما أدى إلى ازدياد أهمية دراسة هذا الموضوع والتركيز عليه.
والرضا الوظيفي عبارة عن مشاعر العاملين تجاه أعمالهم، وهو ناتج من إدراكهم لما تقدمه الوظيفة لهم، ولما ينبغي أن يحصلوا عليه.. وهو محصلة للاتجاهات الخاصة لمختلف العناصر المتعلقة بالعمل وسياساته ومزاياه، وما يتعلق بالأمن الوظيفي، والمسؤوليات الملقاة على عاتق الموظف والتقدير والحوافز والتعويضات في المؤسسات ومنظمات الأعمال.
والرضا الوظيفي عن العمل مفهوم مركب، وله أوجه عدة؛ إذ يرى بعض المختصين أنه إشباع حاجات العاملين، وآخرون يعطون الأهمية لبعض الجوانب الاجتماعية، مثل روابط وأواصر الصداقة التي تربط العاملين وبعضهم ببعض، ومنهم من يرجع مستوى الرضا إلى موقف المرؤوسين من رؤسائهم، وإلى نمط الإشراف الذي يخضعون له، وهناك من يعطي الاعتبارات الخاصة بالشخصية، ومدى تكاملها في محيط العمل. ويمكننا أن نحدد أن الرضا الوظيفي مفهوم متعدد الأبعاد والاتجاهات، ويتمثل في الرضا الكلي الذي يستمده الفرد من وظيفته ومن جماعة العمل التي يعمل معها؛ وعليه فإن الرضا الوظيفي عبارة عن شعور داخلي يحس به الفرد تجاه ما يقوم به من عمل لإشباع احتياجاته ورغباته وتوقعاته، وهو أيضًا سعادة الإنسان وسلامته النفسية وصحتها واستقراره في عمله، وما يحققه له هذا العمل من وفاء وإشباع لحاجاته النفسية والاجتماعية.
وإن لرضا الأفراد أهمية كبرى؛ إذ يعتبر في الأغلب مقياسًا لمدى فاعلية الأداء؛ فإذا كان رضا الأفراد الكلي مرتفعًا فإنه سيؤدي إلى نتائج مرغوب فيها، تضاهي تلك التي تهدف إليها المؤسسة عندما تقوم برفع أجور عملها، أو بتطبيق برنامج للمكافآت التشجيعية أو نظام الخدمات. وإن عدم الرضا يسهم في التغيب عن العمل، وكثرة حوادث العمل، والتأخر عنه، ويقضي على الإبداع والابتكار، ويولد حالة من الإحباط والتذمر والملل، ويكون سببًا في ترك بعض العاملين مؤسساتهم التي يعملون بها، والانتقال إلى مؤسسات أخرى، وتفاقم المشكلات العمالية، وزيادة شكاوى العمال من تردي أوضاع العمل، وتوجهيهم لإنشاء اتحادات عمالية للدفاع عن مصالحهم. كما أنه يتولد عن عدم الرضا مناخ تنظيمي غير صحي.
ولنحاول أن نركز على الأسباب الداعية للاهتمام بالرضا الوظيفي، وتتمثل في:
* ارتفاع درجة الرضا الوظيفي يؤدي إلى انخفاض نسبة غياب الموظفين في المؤسسات.
* ارتفاع مستوى الرضا الوظيفي يؤدي إلى ارتفاع مستوى الطموحات لدى الموظفين ذوي درجات الرضا الوظيفي المرتفع؛ إذ يكونون أكثر رضا في أوقات فراغهم، خاصة مع أسرهم، وأكثر رضا عن الحياة بصفة عامة.
* الموظفون الأكثر رضا عن عملهم يكونون أقل عرضة لحوادث العمل وإصاباته.
* توجد علاقة وثيقة بين الرضا الوظيفي والإنتاج في العمل؛ فكلما كانت درجات الرضا عالية أدى إلى زيادة الإنتاجية.
وعلى ضوء ما تقدم نجد أن الرضا الوظيفي من أهم مؤشرات النضج المؤسسي، ومدى فاعليته على افتراض أن المؤسسة التي لا يشعر الموظفون فيها بالرضا سيكون حظها قليلاً في النجاح مقارنة بالتي يشعر فيها الموظفون بالرضا. مع ملاحظة أن الموظف الراضي عن عمله هو أكثر استعدادًا للاستمرار بوظيفته، وتحقيق أهدافها، كما أنه أكثر نشاطًا وحماسًا في العمل.
وأهم ما يميز أهمية تحليل الرضا الوظيفي أنه يتناول مشاعر الإنسان إزاء العمل الذي يؤديه، والبيئة المحيطة به. بشكل عام، إن الرضا الوظيفي يتكون من الرضا عن الوظيفة، والرضا عن علاقات العمل، والرضا عن زملاء العمل، والرضا عن الرؤساء، والرضا عن بيئة العمل، والرضا عن سياسات الأفراد وشؤون التوظيف.
وخلاصة القول: يجب أن تسعى مؤسساتنا لرعاية القوى المحركة لتحقق الرؤى والأهداف والخطط التنموية المستدامة.
ودمتم بحب وود.