رجاء العتيبي
الأسبوع الماضي تبنت الدولة -فعلياً- الثقافة والفنون كمشروع كبير بقيمة 86 مليار ريال, وهنا يتحقق المبدأ الذي تحدثنا عنه طويلاً أن الثقافة مشروع دولة ولا يمكن إلا أن يكون كذلك, وتحديداً في مجال البنية التحتية، أما التشغيل فيكون من مهام القطاع الخاص لنتخلص من توقيع حضرة المدير العام -في أي موقع إداري- الذي أخر مكتبه كثيراً من الفعاليات الثقافية والفنية, وقلص ميزانياتها, وباتت باهتة في عهده.
كانت الثقافة كمشروع دولة في البداية حلم، مجرد طموحات، ولكنه مع المشروع العملاق (الرياض آرت) بات حقيقة واقعة, وليس اجتهادات أفراد أو مؤسسات ثقافية أو دوائر حكومية مخنوقة بميزانيات حولية لا ترضي طموحات القطاع الثقافي الذي يرى أن بمقدوره عمل الكثير.
الرياض آرت -باعتباره مشروع دولة- سيجعل الرياض أكثر إثارة وحيوية وسيكون سكانها منتجين للثقافة والفنون, مجتمع ينتج ويصدر الثقافة باعتبارها ثروة وطنية لا تقل عن النفط, سيجعل الكل يعمل وينافس وينتج, لا مجال للتشاؤم طالما أن المشروع صدر من أعلى سلطة في الدولة.
الرياض عرفت كمدينة اقتصاد وأعمال, أبراج شاهقة وزحام وبشر، ولكنها اليوم بمشروعاتها ستأخذ شكلاً مغايراً وستضيف عليها اللمسات الفنية جمالاً على جمال, وسيضاف على كون الرياض اقتصادية عملية, سيضاف فنية وهنا تكتمل الرياض كتحفة عالمية فتية.
هذا المشروع يؤنسن الرياض المدينة, ويعزز جودة الحياة بها ويجعلها مدينة مثيرة وصحية ومتفاعلة مع العالم, ومع كل ما يتصل بالثقافة والفنون, ومع الإنسان بكل أرجاء المعمورة, سيأتي إلينا وسنذهب إليه, وسيكون المجتمع جزءًا من هذا العالم يؤثر ويتأثر, خطوة تعزز مكانتنا السابقة وتجعلها أكثر قوة وتنافسية.
يتبقى نتائج الاستثمار في الإنسان باعتباره العنصر المحرك لكل هذه المشروعات, فعندما يكون السعوديون منتجين للفن والجمال هنا يتحقق أكبر هدف, فبدلاً من أن نكون مستوردين للفنون, نكون منتجين لها وتحديداً بدعم المؤسسات والشركات الوطنية والرفع من مستواها الفني وتخريج أجيال متتالية من الأكاديميات الفنية ليتولوا زمام الإبداع، وأظن ذلك قريباً في ظل اهتمام القيادة السعودية بهذا الأمر.
نشيد بجهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك الحزم, وجهود سمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان أمير العزم, جهود يثمنها الشعب السعودي كثيراً ويفاخر به الأمم, وفي جعبة الرؤية السعودية 2030 الكثير على مستوى مناطق ومدن المملكة.