«الجزيرة» - المحليات:
أكد معالي وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني أن القضاء لا يلغي أي صك إلا بعد ثبوت مخالفات جسيمة محددة. وأوضح معاليه خلال مشاركته في جلسة وزارية خاصة بمنتدى مكة المكرمة الاقتصادي 2019 أمس أن الوزارة على وعي بإشكاليات آثار إلغاء هذه الصكوك على المتعاملين ذوي النية الحسنة الذين تسلسلت إليهم هذه الصكوك، ولم يحصل منهم أخطاء؛ لذلك سعت إلى إيجاد ضوابط تنظيمية للموضوع؛ إذ رفعت مشروعًا لنظام تملُّك العقار، يُبنى على الأسس التنظيمية للعقار، ويعالج الآثار الناتجة من ذلك؛ ليكون الصك العقاري وثيقة غير قابلة للطعن إلا بالتزوير. مؤكدًا أن تعزيز الأمن العقاري أحد أهداف الوزارة الاستراتيجية.
وأكد سعي الوزارة إلى تطوير الأعمال في كتابات العدل، مشيرًا إلى العمل على إعداد مشروع خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، يتعلق بالإفراغ وانتقال الملكية العقارية إلكترونيًّا بالكامل، وإلغاء الصكوك والضبوط اليدوية التي كانت جزءًا من الإشكاليات السابقة؛ ليكون الصك مبنيًّا على واقع البيانات الرئيسة لدى الوزارة، ولا يكون لتدخل بشري - أيًّا كان مصدره - تأثيرٌ على حجية الصك.
وبيَّن أن الصكوك مسؤولية مشتركة بين عدد من الجهات، أبرزها وزارتا العدل والشؤون البلدية والقروية، التي تم الاتفاق معها على أن تكون المحاضر الفنية من الأمانات والتقارير المساحية بالتنسيق مع كتابات العدل لتلافي تداخل الاختصاصات الذي أفضى فيما مضى إلى حدوث بعض الإشكاليات.
وأفاد معالي وزير العدل بأن موضوع الصكوك توليه الوزارة عناية خاصة بمشروعات وتعديلات تشريعية حالية، ومستقبلية.. موضحًا أن برنامج التحول الوطني يتضمن مشروعًا لرقمنة الثورة العقارية بالكامل استعدادًا للدخول في مرحلة التسجيل العيني للعقار الذي سينهي الإشكاليات كافة في هذا الجانب.
وأشار معاليه في معرض حديثه عن دور الوزارة في تحفيز الاستثمار إلى أن دور «العدل» لا يقتصر على الفصل في المنازعات، ولاسيما المنازعات المتعلقة بقطاع الأعمال؛ إذ يمتد إلى ما قبل النزاعات وخلالها وبعدها.. مشددًا على أهمية الجانب الوقائي للحد من النزاعات، الذي للوزارة دورٌ فيه، إضافة إلى الجهات الحكومية، وكذلك قطاع الأعمال.
ولفت إلى أن الوقاية تبدأ من التوثيق؛ لذلك سعت وزارة العدل إلى توسيع دائرة الالتزامات والعقود؛ لتكون موثقة، وتأخذ حجية، سواء لدى القضاء المتخصص أو التنفيذ مباشرة. مشيرًا إلى التنسيق في هذا الصدد مع عدد من الوزارات، من ضمنها «الإسكان» و»العمل»؛ وذلك لإضفاء صفة السند التنفيذي على العقود، سواء في مجال عقود العمل أو الإيجار السكني أو الإيجار المتعلق بقطاع الأعمال؛ وهو ما يغني قطاع الأعمال عن حالة التقاضي بالكلية.. وفي أي نزاع إنما يتحول العقد إلى سند تنفيذي، مثله مثل الحكم القضائي؛ وبالتالي يتوجه صاحب السند إلى محكمة التنفيذ لينفَّذ له بشكل مباشر.
وأكد أن العقود، ولاسيما المتعلقة بقطاع الأعمال، تحظى بالأهمية.. داعيًا رجال الأعمال للتعاون في ترتيب العقود ذات الأولوية التي يرون أن يضفَى عليها صفة السند التنفيذي؛ إذ يعد ذلك من أكبر المحفزات لقطاع الأعمال.
وقال معالي وزير العدل إن من الخطوات التي تحفز بيئة العمل والاستثمار في المملكة إنشاء المحاكم التجارية المتخصصة بإجراءات مختلفة، وبطريقة يُعرف ويحترم فيها العرف بين التجار. مبينًا أن القضاة في المحاكم التجارية ينالون قدرًا من التدريب المتخصص الذي يركز على هذه النقطة تحديدًا، إضافة إلى أن الوزارة تقدمت بمشروع لنظام المرافعات التجارية، ويُدرَس الآن لدى هيئة الخبراء؛ إذ يعطي النزاعات التجارية بُعدًا متخصصًا، سواء من الناحية الإجرائية أو الموضوعية.
وفيما يتعلق بدور الوزارة بعد انتهاء النزاع قال معاليه: إنه يتمثل في قضاء التنفيذ؛ إذ يحرص على التنفيذ بشكل سريع ومتقن، مع إتاحة قدر ضيق لمنازعات التنفيذ، إضافة إلى دور الوزارة في النشر والتوعية؛ إذ تعمل على نشر الأحكام التجارية بعد اكتسابها الصفة النهائية على موقع الوزارة خلال أسبوعين من صدورها. وكل ذلك يعد من أكبر المحفزات في المملكة، إضافة إلى التعاون مع الجهات الحكومية.
وأوضح أن التنفيذ يعد خدمة بإشراف قضائي، وليس نظر منازعة تنفيذية، وقد ينتج منه بعض الإشكاليات، مثل إيقاف الخدمات أو السجن في الديون المدنية أو غيرها. وقد صدر أمر سامٍ بدراسته من عدد من اللجان، ووُضعت ضوابط لإيقاف الخدمات، وعلى وشك أن تنتهي.
مؤكدًا أن الحلول ستراعي إيصال الحقوق لمستحقيها بسرعة، وعدم الإضرار بغير المعني به، وألا يضار طالما أمكن الاستيفاء بالحق، سواء من الحسم بشكل تدريجي من الراتب، أو أي مصدر آخر.
وحول سؤال يتعلق بجدلية الأوقاف والاستثمار قال معالي وزير العدل: «نتعامل مع الوقف كشخصية حكمية مستقلة بذاتها. والشركة شخصية معنوية مستقلة. وإذا أراد رجل الأعمال أن يتعامل بالوقف ككيان فسيتم التعامل معه ككيان وقفي وفقًا للإجراءات المنصوص عليها في نظام المرافعات الشرعية، لكن إذا سجل الوقف، سواء ريع الشركة أو أسهمها، كشركة وفقًا لنظام الشركات، سيحولها من الإجراءات العدلية داخل المحاكم إلى إجراءات تنفيذية، لا يتدخل فيها القضاء إطلاقًا، إنما يحكمها نظام الشركات والعقد التأسيسي للشركة.. وقد سبق أن صدر عدد من التوجيهات من وزارة العدل بهذا الشأن.