عبد الله باخشوين
هناك شخصيات لا تنسى.. أحياناً لطبيعة أدوارها التاريخية.. وأحياناً لأسباب غريبة ومتناقضة.. أبرزها شخصية (تشي جيفارا) على سبيل المثال فالرجل الذي قتل عام 1967.. والذي كان يعد أهم رموز (الكفاح المسلح) واقتفى أثره معظم أصحاب القضايا الذين حملوا السلاح بدءاً من المقاومة الفلسطينية، مروراً بالحركات الثورية في أميركا اللاتينية وحركات اليسار المتطرف مثل (الألوية الحمراء) وغيرها. وكان حمل صوره من محرمات كثير من الأنظمة بما فيها أميركا هذا قبل أن نعود ونرى صوره مطبوعة على صدور (تشيرتات) الأولاد والبنات في مختلف أنحاء العالم وفي مقدمتها أميركا.. ذلك أن وجه جيفارا تحت (بريهه) الشهير وجه (نجم وسيم) الاحتفال به لا علاقة له بتاريخه ومعظم الذين يضعون صوره على صدورهم لا يعرفون عن حياته شيئاً فهم يحتفلون بجمال الوجه في الصورة كما احتفلوا بوضع صور الفنان (بوب مارلي) بعد موته المفاجئ.
أما الذين تابعوا أحداث القرن العشرين منذ مطلعه فقد استوقفتهم شخصياته الفاعلة والمؤثرة والبارزة منذ الثورة (البلشفية) عام 1917 وبروز شخصيات مثل لينين وستالين وتروتسكي أسطع نجوم الاتحاد السوفياتي.. وسطوع النجم الألماني ادولف هتلر.. وسطوع النجم الصيني ماوتسي تونغ.. وسطوع النجم الفيتنامي هوشي منه.. وسطوع نجم غاندي.. وتطول القائمة إلى أن تصل لجمال عبد الناصر.. وبن بلا.. ولومومبو.. وغيرهم من الشخصيات التي لعب الفكر الذي آمنوا به وناضلوا في ظل مقولاته ورفعوا ومجدوا شعاراته.. لعب دوراً أساسياً في الإضرار بسمعتهم.
غير أن شخصية الزعيم الصيني ماوتسي تونغ مؤسس جمهورية الصين الشعبية التي نعرف ما هي عليه الآن تظل هي الشخصية الباقية من الحقبة (الاشتراكية) أو (الماركسية).. والتي ما زالت حكومات الصين المتوالية -رغم نقد السلبيات - تدين بالولاء للدور الذي لعبه ماو في تاريخ الصين الحديثة كقائد ومؤسس أسهم بدور قيادي كبير في وضع هذا الكم الهائل من البشر، وفي ظروف اقتصادية صعبة على الطريق الذي أحسنت استثماره وتطويره بطريقة جعلتها تصل في زمن قياسي إلى ما وصلت إليه اليوم.
يأتي هذا الذي تقدم دون أية (أوهام).. حول استقلالية تفكيري وقناعاتي.. وانطلاقاً من إعجابي الشديد بكل من الدكتور حمزة السالم والدكتور أحمد الفراج اللذين أحرص على الاستفادة من أطروحاتهما وسردهما الذي يعيد استلهام الأحداث بإضاءة كثير من جوانب التاريخ الأمريكي وأدوار شخصياته المؤثّرة .. وهو الأمر الذي استفدت منه كثيراً.. ذلك أن علاقتي بالتاريخ الأمريكي لم تكن تتعدى الفن والثقافة.. في حين أن الجانب الذي يتعلّق بالشخصيات التي ذكرتها - وغيرها- كتبته الأهواء والمواقف والانتماءات الأيدلوجية التي هوت بهم إلى قاع سجلات التاريخ الحديث دون أن تنصف الكثير منهم، وأعتقد أن التاريخ المعاصر مجبر على أن يتوقف طويلاً عند شخصيتين معاصرتين لعباً ويلعبا دورين مهمين لإعادة صياغة علاقة بلديهما بمجمل حركة التطور الإنساني.
إنهما:
- بوريس بوتن... ومحمد بن سلمان بن عبد العزيز ربما عن طريق المصادفة فقط نعرف أن روسيا (الماركسية) هي أول دولة في العالم تعترف بالمملكة العربية السعودية.
غير أن دورة الزمن ومتوالياته.. تفرض على كل من يتعامل مع التاريخ وأدواره.. أن يضع هذين الزعيمين في أولوياته بفطنة وانتباه... وإن كانت هذه قصة أخرى سيطول الحديث عنها مستقبلاً.