د. خيرية السقاف
الوطن كالحديقة..
شجر متجذر ينوف فيظلل..
شجر ينبت الخضرة، يمنح الثمر، يهب الزهر..
يفوح بالنضارة، والنداوة، والبهاء..
يتحلّل من الجاف، يُسقِطُ العطِب..
المزارع حين يغرس فسيلة جديدة في تربته، لا يقتلع الجذور الراسخة،
يتاخم بعضها بصغارها كمحضن الأم، حين تكون في نموها بحاجة للظل،
وعرائش الأمان..
بعضها تفترش مدى فسيحاً كي تتشكَّل فيه ثللاً مثمرة، متجددة مانحة فتنمو،
تغدو كما التي لا تجتثها مناجل، ولا يقطعها فأس..
هكذا الوطن،
هذه الأرض،
هذه البذور،
هذه الجذور،
هذا التلاحم بين الفروع، هذا الحصاد من العذوق، هذا التكاتف بين الأغصان،
هذا الدنو بالحنوِّ؛
كأريحية الساعدين، كسعة الصدور، كسند الظهور، كبهجة الوئام، كسكينة الاطمئنان..
والفزاعات لا تحصد، وإنما تصد،
وهي لا تزحَم، وإنما ترحم،
والزارعون يقطِّرون مع السقيا عرق جباههم،
يمنحون مع الانكفاء قواهم..
الوطن لو يتعلّم الواحد فروض التآلف بين الشجر،
لأدرك الكلُّ واجبات التكاتف من أجل الأثر..
الوطن؛ حديقة كبرى،
وارفة خضراء،
يانعة ريانة،
خصبة مثمرة..