سعد بن عبدالقادر القويعي
دعوة الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف العثيمين، عقب الحادثة الإرهابية في نيوزيلندا إلى مزيد من سن الإجراءات، والقوانين التي تحرم المتطرفين، وأعداء الحياة، والسلام من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وبث سمومهم، والتي يتم استغلال إرسالها لهم من الأماكن المشبوهة، وأصحاب السياسات الخفية، هي دعوة في حقيقتها؛ من أجل بناء السلام، وتحقيق الأمن، وإقامة العلاقات السليمة بين الشعوب، واحترام حقوق الإنسان، والحريات الأساس المنصوص عليها في العهود، والمواثيق الدولية؛ الأمر الذي يؤكد أهمية دور الإعلام الموضوعي في كبح جماح خطاب الكراهية، مع أهمية التقيد بالضوابط الفاصلة بين التمتع بحرية التعبير، والانخراط في خطاب الكراهية، والتعصب، والتمييز.
شبكات الإعلام الرقمي الجديد وفّرت مساحة كبيرة للتعبير عن الرأي، بعيداً عن الضوابط المتعلقة بسياسات النشر، أو الملاحقة القانونية، وعندما تتم زراعة بذور الكراهية في المجتمعات، سيصبح من السهل جداً تنميتها، والبناء عليها؛ لتحقيق أهداف المتطرفين، وبالتالي فإن انتشار خطاب الكراهية في مواقع التواصل الاجتماعي، سيزيد من الاحتقان المجتمعي، خصوصاً إذا تبنّت تلك المجموعات أفكاراً مؤدلجة، فإنه سينعكس سلباً على خطابها الإعلامي؛ ما يهدد السلم الأهلي على أرض الواقع، كما سيجر المجتمعات إلى أزمات جوهرية في السياسة، يراد إخفاؤها، أو تأجيل استحقاقاتها؛ لكنه لا يحل الأزمات، بل يضيف إليها أخرى جديدة، وهذا ما ساعد في تكريس مفهوم خطاب الكراهية، وذلك من مفهوم صراع الحضارات، ونهاية التاريخ؛ لنشر حالة من الغضب، والسخط، والاحتجاج التي تؤدي في النهاية إلى الكراهية بين الشعوب.
إن تحمل المسؤولية المهنية والأخلاقية تجاه المجتمعات بمختلف مكوناتها، والقضاء على كل خطاب يتضمن إقصاء، أو تهميشاً، أو إهانة، أو تحريضاً، أو تمييزاً، وفي المقابل العمل على نشر مواد إعلامية تهدف إلى تعزيز ثقافة تقبل الآخر، والتعريف به، والإسهام في ترسيخ قيم العيش المشترك، مع التركيز على بناء السلم الأهلي، وضرورة الحفاظ على السلم المجتمعي، يتوافق تماماً مع نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمعتمد عند الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1966، والذي يدعو إلى ضرورة تجريد الرسائل الإعلامية من أدوات الكراهية، وهو ما نصت عليه المادة 19 منه، على: «احترام حقوق الآخرين، واحترام سمعتهم»، فيما تنص المادة 20 على: «حظر أي دعاية للحرب بموجب القانون، وحظر أي دعوة إلى الكراهية القومية، أو العنصرية، أو الدينية، تشكل تحريضاً على التمييز، أو العداوة، أو العنف».