يوسف المحيميد
يقول الراحل غازي القصيبي حين كان وزيرًا للعمل: «هناك نحو 30 مليون سعودي يحتاجون إلى فرص عمل خلال الـ20 عاماً المقبلة، ونسعى لئلا تتعدى نسبة البطالة حاجز الـ6 في المئة»، وأقول إن هناك آلاف الفنانين التشكيليين والنحاتين السعوديين يعانون من شُح الفرص لاقتناء لوحاتهم ومنحوتاتهم، مما يؤثر على إبداعهم خلال سنوات قليلة من الجفاف، فيضطر بعضهم إلى الانسحاب من هذه المهنة التي يعشقها، ويتحول إلى موظف عادي في وزارة أو شركة، يؤدي مهام روتينية يمكن أن يؤديها ملايين البشر، لكنه ترك عملا إبداعيًا مميزًا، لو وجد الاهتمام الكافي الذي يضمن له حياة كريمة، لما تخلى عن حلمه يومًا.
أفكر ماذا لو بحثنا عن مصدر رزق جيد لهؤلاء، كأن تصدر الدولة نظاما يُعنى بتوطين جدران مباني القطاعين، العام والخاص، في المملكة، بأن يفرض على جميع الجهات الحكومية، من وزارات، وهيئات عامة، وجامعات، ومطارات، ومستشفيات، وكذلك القطاع الخاص من شركات ومؤسسات وفنادق وغيرها، تزيين جدرانها بلوحات الفنانين التشكيليين السعوديين، بدلا من اللوحات الديكورية المستوردة الرخيصة، ونظامًا آخر يشدد على تزيين الميادين والساحات، والحدائق العامة، والمباني الحكومية والشركات بدعوة النحاتين السعوديين لتزيينها بمنحوتاتهم، فنحن بذلك ضربنا عصفورين أو أكثر بحجر واحد، الأول ضمنا لهؤلاء مصدر عيش كريم، والثاني رفعنا مستوى الذوق الفني العام، من خلال الاعتياد البصري على رؤية هذه الأعمال الفنية يوميًا، والثالث خدمنا هذه الجهات الحكومية، والقطاع الخاص، بتنويع سلة الاستثمارات فيها، لأن اقتناء الأعمال الفنية الرائدة، يعني تعاظم القيمة السوقية لها مع تقادمها.
هذه الأنظمة ستعزز مشروعات أنسنة الرياض كعاصمة، وغيرها من المدن الكبرى في المملكة، ويدعم برنامج جودة الحياة، أحد أهم برامج رؤية المملكة 2030، وكل هذا ليس مستحيلا، مع هذه التحولات الكبرى التي يشهدها هذا الوطن الغالي.