د. محمد عبدالله الخازم
ضمن المعايير التي تحرص عليها برامج التحول المتعلقة برؤية 2030 إيجاد نظم حوكمة فاعلة سواء عبر المجلس الاقتصادي أو الهيئات والجهات الأخرى ذات العلاقة. إضافة إلى الحوكمة تأتي الشفافية ونرى مثالها في إعلان الجوانب المالية بشكل ربع سنوي بما يمنح صورة أكثر وضوحًا حول آليات العمل المالي الحكومي وغير ذلك، ونراه في إعلان ميزانيات لم تكن تعلن مثل ميزانيات القطاعات العسكرية والأمنية. نشيد بذلك، لكن كمتابع من خارج القطاعات الحكومية ذات العلاقة بالحوكمة أو المراقبة آمل في وجود آلية أكثر تفصيلاً في إعلان الميزانية ونشر التقارير السنوية.
تعودنا إعلان ميزانية الجهات الحكومية بشكل مفصل وبالتالي نستطيع أن ندرك حجم نفقاتها ومواردها ونقد أدائها وفق ذلك، لكن ما يحدث مؤخرًا هو إعلان ميزانية القطاعات وليس الجهات. على سبيل المثال كانت تعلن ميزانية كل جامعة بشكل منفصل عن وزارة التعليم ومؤسسة التعليم الفني ولكن في السنوات الأخيرة أصبح ما يعلن هو ميزانية قطاع التعليم بصفة عامة، فكيف نستطيع كمراقبين أو نقاد أو باحثين ودارسين الحكم على جودة أداء كل جهة تعليمية مقارنة بمدخلاتها المالية. طبعًا أتحدث عن الإعلان كأحد مؤشرات الشفافية ومساعد في الحوكمة حينما يشرك الجمهور ومنه الإعلام والباحثون في تقويم أداء المؤسسات وإبداء الملاحظات تجاه أدائها. الوضع نفسه يحصل في قطاع الصحة والخدمات الاجتماعية وقطاع البلديات والأمانات وغيرها من القطاعات. ليس بالضرورة أن يعلن ذلك في البيان التلفزيوني الرسمي للميزانية ولكن المهم إتاحة التفاصيل ونشرها.
الجانب الآخر في موضوع مساعدة المراقب والباحث والناقد -مثلنا- يتمثل في آلية التقارير السنوية المنشورة، فلا مجلس الشورى ولا الجهات ذات العلاقة طورت معايير ثابتة لتقرير كل جهة، بدليل أن بعض الجهات تصدر كل عام تقريرها بشكل مختلف عن العام الذي قبله مما يفقدك القدرة على متابعة معايير معينة في الأداء، وبدليل تكرار ملاحظات مجلس الشورى على التقارير. أذكر على سبيل المثال وزارة الصحة، تعودنا منها إصدار تقريرها السنوي بشكل متميز -سبق أن ذكرت بأن تقارير وزارة الصحة من أكثر التقارير جدوى للمتابعة- وتحديدًا تعودنا التقرير السنوي منها ليكون تقريرًا للحالة الصحية في البلاد حيث تنشر المعايير الصحية المتعارف عليها دوليًا محتوى معلومات كافة القطاعات الصحية سواء وزارة الصحة أو القطاعات الصحية الحكومية الأخرى أو القطاع الخاص. تقرير الوزارة الأخير بغض النظر عن حجمه وكمية معلوماته الجيدة إلا أنه مجرد تقرير تشغيل وزارة الصحة، قد يهم بعض الجهات الرقابية لكنه لا يمنحنا معلومات تتعلق بالحالة الصحية للوطن كما تعودنا ولا يمنحنا القدرة على الحكم على التطورات في القطاع بشكل إجمالي أو القيام بالمقارنات الدولية والمحلية. التقارير التشغيلية قد تكون مطلوبة، لكن كمتابع أود إصدار تقارير وطنية ذات مؤشرات معيارية في كل قطاع أو مجال، يمكن الاستدلال منها على التقدم الوطني وإجراء التحليلات والمقارنات الموضوعية. نريد معرفة حال التعليم في البلاد وحالة الخدمات الصحية وحالة الخدمات الاجتماعية وغيرها وليس فقط تفاصيل التشعيل لتلك القطاعات.