د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
لقد بدا واضحًا ما يحيط نساء بلادي من منصات تمكين قوية فاخرة، ووهجٍ ممتد محفزٍ هو نتاج الانتقال الكبير للمشاركة الحقيقية في التنمية الاجتماعية الوطنية، بل إدارتها؛ فالرؤية العملاقة 2030 غيّرت النموذج السائد إلى آخر متعلم وعامل في الوقت ذاته؛ فأصبحت للمرأة متكآت كثيرة، تُضاف بغزارة إلى ما كان ثمينًا بحوزتها، بل نالت المرأة السعودية مساحات مضاعفة، انطلقتْ من هدف استراتيجي تنموي كبير، هو معالجة الخلل الذي كان واضحًا في سوق العمل السعودي، وأن تتم تلك المعالجة وفق مصفوفة التمييز الإيجابي المطرد؛ فزاد عمل السعوديات في القطاع الخاص بنسبة 130 % وفق إحصائية حديثة، أعدتها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية؛ فتقاطرتْ الطروحات المبشرة في شأن المرأة في بلادنا بوصفها العين الثانية في تشكيل المجتمع مع الرجل؛ فأصبح الحديث عن المرأة السعودية في مشارب شتى في المكانة والتمكين ومستوى التعزيز وحجم المساواة؛ ودخل واقع المرأة السعودية معامل التقييم الخارجي، وهو لم يدلف مراكزنا البحثية؛ لتقدِّمهُ بصورة منصفة، نتخطى بها حِجَاج العالم وتكهناتهم نحو مستقبلنا. والحقيقة في كل ضروبها ومناحيها أن المرأة السعودية عندما تشرق هنا من خلال إعلام متفوق قوي، يرصد المنجز النسوي النهضوي، فحتمًا سوف تشرقُ المرأة هناك في بيئات وقفتْ احترامًا لعقول نسائنا اللاتي حلَّقن بأجنحتهن نحو تلك البيئات من بوابات عديدة [التعليم العام والعالي والمشاركات الدولية المنبرية والفكرية في العلوم والفنون والآداب]. وفِي الشأن النسائي في بلادنا حضرت منصات خلاّقة، وكانت خريطة الدروب النسائية واضحة المعالم، تتناثر فيها مقومات التمكين النهضوي والتعزيز من قِبل القيادة الرشيدة الذي جعل المرأة تحمل أدوات العبور، وتُحسنُ السير بانسيابية؛ إذ كان التعليم وانتشاره كوة ضوء عميقة، حملتْ البدايات النهضوية للمرأة السعودية والتحولات السريعة القافزة، ورسم التعليم طروس الوعي؛ فاستطاعت نساؤنا باقتدار تحويل القيم الإسلامية إلى قيم عليا، تُصاغ وتُفعل؛ ومهدت البوابات لدخول العصر الحديث في كل المتكآت التي ترومها النساء، واتسعتْ النطاقات التي تعمل فيها المرأة؛ وتكونت منصات مهنية ذكية، ظهرت كنواة لصناعة مستقبل مختلف، ودفعت السياسة الحكيمة المرأة السعودية نحو تكريس مفهوم المشاركة الوطنية، وانبثقتْ من ذلك المفهوم قدرات نسائية، تمكنت من اصطياد اللحظات الملأى،واقتناص فرص الوطن التي أصدرتها الدولة؛ لتصب منافعها في ساحات النساء؛ فدخلتْ المرأة السعودية إلى مجلس الشورى، وجالت في مضمار القيادات العليا في الدولة، وأخيرًا كان للمرأة نصيب مجزٍ من صناعة السياسات الخارجية والعلاقات الدولية؛ وتربعت المرأة السعودية على المنابر الخارجية والمنظمات الدولية؛ لتتحدث عن مضمارنا الخصيب، وتعرض أوراقنا البيضاء التي تفكك ثورات الشكوك أمام العالم الناهض، وتنبئ عما توافر في بلادنا من قرارات وقواعد لانطلاقة النساء نحو حقول الحصاد.. ودخلت المرأة بوابات الوزارات الخدمية والتنظيمية ومؤسسات المجتمع المدني في الدولة؛ لتسهم في تشكيل النشاط المعرفي والاقتصادي والسياسي والصحي والرياضي؛ واستمرت شامخة باسقة في أدوارها من منظور شرعي، يحفظ لها حقوقها وطبيعتها، وجلبتْ لها بلادنا وقيادتنا مساحات شاسعة للفعل والتجربة والتطوير حتى بدا حراك المرأة السعودية الوطني التنموي وهو يغادر الأدوار التقليدية. والحقيقة إن المرأة السعودية عندما تقدمتْ نحو المضمار؛ لتسهم بواجهات براقة في ترقية واقع المشاركة في صناعة القرار التنموي، كانت فرسًا أصيلاً، حمل راية السباق!
وتبقى العقول النسائية السعودية تنسكبُ منها المُزن، ويورق منها ما يُشكِّلُ حياة المجتمعات السعودية النامية؛ وتضمرُ للغد صحائف ملأى بحكايات الحضارة الجديدة للمرأة السعودية.
بوح الختام:
ركبتْ في سمائنا نيّراتٍ
تتحدى ماء المزون عذوبة