«الجزيرة» - وهيب الوهيبي:
عقدت منظمة التعاون الإسلامي أمس في إسطنبول الاجتماع الطارئ مفتوح العضوية للجنة التنفيذية على مستوى وزراء الخارجية بشأن الهجوم الإرهابي الذي استهدف مسلمين أبرياء في مسجدين في مدينة كريست تشيريتش، نيوزيلندا، واستضافته جمهورية تركيا، بحضور وزير الخارجية النيوزيلندي وينستون بيترز.
وألقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كلمة خلال جلسة الافتتاح، حذر فيها من تصاعد الإسلاموفوبيا وانتشاره في المجتمعات، مؤكداً أن حادثة نيوزيلندا «قد تعود مجدداً إن لم يتم التحرك ضد مسبباتها».
من جهته، قدم الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين في كلمته أمام الاجتماع: «خالص العزاء والمواساة لأسر الضحايا الذين سقطوا بيد الغدر والإرهاب في مسجدين في نيوزيلندا»، وعبر عن تقديره لجهود حكومة نيوزيلندا، واحتوائها للمجتمع الإسلامي في بلادها في لحظة حاسمة، مما كان محل تقدير شعوب العالم من مسلمين وغيرهم.
وأشار الأمين العام إلى أن «التعصب القائم على الإيديولوجيا والعرق قد برز بوصفه تهديدا رئيسيا يعرض السلم والأمن العالميين للخطر في عالمنا اليوم. ووسط هذه الظروف، فإن الإسلام والمسلمين في كثير من الدول يتعرضون للتشويه، ديناً وإنساناً»، وتابع: «وفقاً لتقارير مرصد الإسلاموفوبيا في منظمة التعاون الإسلامي، فخلال السنوات القليلة الماضية، وصلت الكراهية والتعصب ضد الإسلام إلى حد مقلق، مع تنامي وتيرتها».
وأكد العثيمين أن العالم «مصدوم بأسره بالأعمال الوحشية التي ارتكبها أحد الإرهابيين اليمينيين، حيث قتل نحو 50 مسلما بريئا وجرح العشرات، كانوا يؤدون الصلاة بسلام في دار للعبادة».
وأشار إلى أن «الحادث الإرهابي البشع قد بعث برسالة قوية للعالم ولنا جميعا، مفادها أن خطاب الكراهية والتعصب والإسلاموفوبيا بات خطراً واضحا يهدد أمن المجتمعات المستقرة، وأن ما حدث يؤكد أن الإرهاب ليس له دين أو عرق أو جنسية».
وأكد الأمين العام أن الدول الأعضاء في المنظمة «أدركت خطورة الإرهاب، ورددت على مسامع العالم أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، إذ عُقد في الأمم المتحدة اجتماع عال المستوى للحوار بين الأديان والثقافات والحضارات بمبادرة من المملكة العربية السعودية، وتم تأسيس مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في دولة النمسا، وقد تبنَّت المملكة العربية السعودية وشقيقاتها من الدول الإسلامية عدة مبادرات للاعتدال ومكافحة التطرف عموماً، ومن ذلك تأسيس مركز اعتدال في المملكة العربية السعودية، وهداية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وجهود العديد من الدول، كجمهورية مصر العربية. وكذلك عمل إدارة الحوار والتواصل وصوت الحكمة في الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي».
وأوضح أن «خطاب الكراهية القائم على الفكر اليميني المتطرف لا يستهدف الإسلام والمسلمين فحسب؛ وإنما يستهدف كذلك الأنظمة الغربية الليبرالية الديمقراطية، وإذا لم يتم لجمه بشكل عاجل وفاعل؛ فإن الفوضى ستضرب بلدانا مستقرة وترعب الآمنين». ودعا إلى «أهمية وجود تشريعات حازمة في الفضاء الإلكتروني الذي تحوّل ساحة لتفريخ الأفكار المتطرفة».
كما ألقى وزراء وممثلون للدول الأعضاء كلمات في الاجتماع، وعبروا عن إدانتهم للإرهاب وطالبوا بضرورة مواجهة الإسلاموفوبيا ووضع قوانين وتشريعات توقف بث خطابات الكراهية والعنصرية والتطرف ضد الجاليات المسلمة حول العالم.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية النيوزيلندي وينستون بيترز خلال الاجتماع، إن بلاده عاشت يوماً أسوداً في تاريخها بعد هذه الحادثة الإرهابية التي عاشتها، وأكد أن الاجتماع الوزاري يعقد وسط ظروف صعبة للرد على هذا الحادث الإرهابي، ورأى أن الشخص الذي نفذ العملية وجاء من خارج نيوزيلندا سيواجه أقصى العقوبات.
وأكد الوزير النيوزيلندي أن التحقيقات مستمرة وتم تعديل بعض الإجراءات لضمان عدم تكرار الحادثة هذه مستقبلاً، مشيداً بتفاعل المواطنين النيوزيلنديين وتعاطفهم مع أسر الضحايا وتأكيدهم على وحدتهم بعد أن أراد هذا العمل الجبان زعزعة استقرارهم.
ودعا الاجتماع الوزاري، مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لإحداث مرصد يعني بأعمال الكراهية والعداء والعنف الديني ضد المسلمين، ودعا البيان الختامي الأمين العام للأمم المتحدة إلى عقد دورة خاصة للجمعية العامة من أجل إعلان الإسلاموفوبيا شكلاً من أشكال العنصرية وتعيين مقرر خاص معني بمكافحة الإسلاموفوبيا، كما دعا الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإقليمية والدولية إلى إعلان 15 مارس يوماً دولياً للتضامن ضد الإسلاموفوبيا،
كما طلب من الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي التواصل مع آليات الأمم المتحدة لتوسيع نطاق القرار 1267 بشأن العقوبات ليشمل الأفراد والكيانات المرتبطة بالمجموعات العرقية المتطرفة.