حميد بن عوض العنزي
قراءة المستقبل على المدى المتوسط والبعيد تشغل بال كبريات الشركات في جميع المجالات، وهذه القراءة المرتبطة بإحداث التغيير والتطور، وتغيير بعض المفاهيم سواء في السوق أو عند الناس عملية معقدة جدًا، وارتباطاتها متشابكة لا من حيث الأهداف، لهذا لا تزال الضبابية تغلف المستقبل، وهذا لا يعني عدم وجود مراكز لديها معلومات عن البعد التقني المستقبلي وعلاقاته بالإنسان وبالتالي التغييرات التابعة لذلك على الأنشطة بما فيها الاقتصادية والتجارية، إلا أن منطقتنا رغم أنها أكبر مستقبل لتلك التقنيات لا تزال تتفاجأ بما يحدث خصوصًا بالتقنيات المؤثرة بعمق على السلوك والحياة.
وهذا يقودنا إلى تساؤلات عن مدى أهمية وجود مراكز بحثية وعلمية تتبناها الدولة أو القطاع الخاص تستشرف المستقبل وتعطي مؤشرات ولو تقريبية عن التأثيرات المستقبلية المرتبطة بتطورات قادمة تشهدها حياة الإنسان، وهي بالتأكيد ليست كلها نافعة وليست ظاهرة، فهناك النافع الذي يزيد من تسهيلات وجودة الحياة، وهناك السلبي الذي يزيد من بعض المصاعب، ومحور ارتكاز ذلك يجب أن يكون الأسرة بمكوناتها المادية والإنسانية والصحية والتعليم وما يلحق من تغيرات مرتبطها بهما.
هذا التطور المذهل والمتلاحق لا يمكن أن يكون بمحض الصدفة أو بمجهودات أشخاص محدودين، إنما هو نتاج مراكز أبحاث ودول وعمل منتظم على مدى عقود، وهذه المراكز ترسم للعالم أجمع مستقبله، وأي المجتمعات تتراجع وأيها يتقدم وأدوات ذلك كل أساليب ومكونات الحياة والتي من أهمها الجانب المادي والصحي، ولهذا لابد من وجود مراكز علمية عربية أو إقليمية تحاول على الأقل استشفاف ما يدور في دهاليز مراكز صناعة العالم الجديد.