م. خالد إبراهيم الحجي
لقد أشارت نشرة (آفاق التحضر) الصادرة عن الأمم المتحدة في آخر إحصاء لها إلى أن عدد سكان مدينة الرياض في عام 2015م كان يقدر بنحو (6.218.322) نسمة، ووصل إلى نحو (7.070.665) نسمة في عام 2019م، بمعدل نمو يقدر بنحو (852.343) نسمة تقريبًا، وهذا يمثل زيادة سنوية بنسبة (3.26) في المئة. ومن المتوقع أن يصل عدد سكان الرياض إلى نحو (8.574.001) نسمة في عام 2030م، بمقدار زيادة في النمو يصل إلى نحو (594.140) نسمة، وهذا يمثل زيادة سنوية بنسبة (1.45) في المئة.
وسيكون للنمو السكاني السريع والتحضر تأثير كبير على كثير من المرافق والخدمات العامة، منها البنية التحتية للنقل. والدراسات والبيانات التي توضح أهمية النقل العام للمدن كثيرة جدًّا، منها الصادرة عن الجمعية الأمريكية للنقل العام (APTA) التي كشفت أن (87) في المئة من رحلات الركاب بواسطة النقل العام تؤثر بشكل مباشر في الاقتصاد العام من خلال الروابط بينهم وبين أصحاب العمل الذين يحتاجون إلى خدماتهم.
ومدينة الرياض مثل المدن الحديثة في جميع أنحاء دول العالم تبحث عن طرق فعّالة ومستدامة باستخدام تقنيات النقل العام داخل المناطق العمرانية والحضرية المكتظة بالسكان والأماكن المحيطة بها، والتابعة لها، وتقاسمها البنية التحتية والإسكان، وتُعرف بحزام الركاب أو مناطق المترو. ومن هنا جاءت الضرورة الملحة إلى إنشاء مشروع مترو الأنفاق في مدينة الرياض لمواكبة النمو السكاني، وتنمية المناطق الحضرية.
ومترو الأنفاق نظام نقل عام تقني رئيسي للنقل السريع بواسطة القطارات التي تعمل بالكهرباء على السكك الحديدية، ويعتبر واحدًا من أهم وسائل النقل العام في معظم دول العالم المزدحمة بالسكان. ومشروع مترو الرياض تم اعتماده من قِبل قيادة الحكومة السعودية في عام 2014م؛ ليكون البنية التحتية الأساسية للنقل السريع في مدينة الرياض بتكلفة قدرها (23) مليار دولار، في إطار خطة استراتيجية مدتها (7) سنوات حتى عام 2021م. ويتألف من ستة خطوط، مجموع أطوالها يبلغ (176) كيلومترًا، منها نسبة (11) في المئة سطحية، تتحرك فوق الأرض، ونسبة (49) في المئة علوية تتحرك فوق الجسور المعلقة، ونسبة (40) في المئة من خطوطه نفقية تتحرك تحت الأرض. ويبلغ قُطر النفق الواحد منها (10) أمتار؛ لتسمح بثلاثة خطوط مترو في آن واحد.
ويوجد على الخطوط الستة (85) محطة للركاب، منها ثلاث محطات رئيسية، تستخدم الطاقة المتجددة، وتلتقي فيها مسارات عدة للقطارات. وتساند شبكة المترو وتكمل خدماتها خطوط شبكة حافلات مغذية، تتكون من (956) مركبة، تغطي (1.150) كم من أطوال الطرق داخل الأحياء السكنية. ومن خلال ما سبق يتأكد أن مشروع مترو الرياض يحقق المميزات الآتية:
(1): ضمان قدرة جميع أفراد المجتمع على التنقل، التي تشمل مجموعات مختلفة، مثل الشباب والمسنين والفقراء وذوي الحالات الطبية والأشخاص المحظور عليهم القيادة.
(2): تطبيق برامج زيادة كفاءة السير بالتقليل من الاعتماد على السيارات الخاصة، التي تسهل حركة أعداد كبيرة من الركاب بأسعار مناسبة، ونقلهم بكفاءة عالية وسرعة كبيرة في الأماكن المزدحمة بالسكان، وتساعد في تخفيض نسبة حوادث الطرق بشكل كبير بتوفير رحلات الذهاب والعودة بين أجزاء المدينة في ساعات الذروة خلال اليوم.
(3): يوفر مساحات كبيرة من الطرق على الأرض باستخدام الجسور المعلقة والأنفاق؛ فيشكل أنماط استخدام الأراضي في المدينة، ويؤدي إلى تنميتها وتوليد الوظائف لدرجة أن بعض المسؤولين اعتبره استثمارًا استراتيجيًّا وركيزة أساسية لمستقبل المدينة الحضاري والاقتصادي، وهو ما تؤكده دراسة الجمعية الأمريكية للنقل العام السابقة.
(4): يعمل بالكهرباء؛ فيوفر استهلاك الطاقة التقليدية، ويتحرك على المسارات بهدوء، ولا يسبب ضجيجا أو ضوضاء أو تلوثًا سمعيًّا، ولا تخرج منه انبعاثات كربونية تلوث الهواء. ويدعم السياسات العامة المتعلقة باستخدام الطاقة وجودة الهواء التي تحقق صداقة ومعايير البيئة المستدامة.
(5): إعطاء الراكب منظرًا عامًّا وجميلاً لأفق المدينة من فوق الجسور المعلقة، وإظهار فخامة الطراز المعماري الفريد لشبكة المترو ومحطاتها وتطورها على أحدث الأنظمة التكنولوجية في العالم، وزيادة القيمة الجمالية والحضارية لمدينة الرياض بين الدول العريقة.
الخلاصة:
إن نظام النقل العام نافذة، تشاهد من خلالها خصائص التركيبة السكانية، مثل العمر والجنس.. ومرآة تعكس المستوى الحضاري والتكنولوجي للمدينة.