هالة الناصر
لا يخفى على أحد أن السعودية تقع في منطقة تعاني من الفقر المائي الشديد بسبب ظروفها الجغرافية والمناخية، لذلك كان من الطبيعي أن تطلق المملكة طوال تاريخها العديد من الاستثمارات الضخمة في مجال تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحي والزراعي.
وحاليًا تقدر بعد الدراسات حجم إنتاج السعودية وحدها من المياه المحلاة بمليار متر مكعب سنويًا، أي ما يقارب 45 % من الإنتاج على مستوى العالم العربي كله، وترتب على ذلك أن 50 % من مياه الشرب بالمملكة تأتي من تحلية مياه البحر، و40 % من استخراج المياه الجوفية غير المتجددة و10 % فقط من المياه السطحية وخاصة في المناطق الجبلية جنوب غرب المملكة.
وفي ظل هذه الأوضاع، لا يمكن أن نصف وضعنا المائي سوى بأنه مثير للقلق، خاصة إذا ما اصطدمنا بحجم الاستهلاك اليومي للفرد في السعودية، والذي يعد من أعلى معدلات الاستهلاك في العالم، فطبقًا للتصريحات الرسمية يبلغ متوسط استهلاك الفرد في السعودية 263 لترًا يوميًا، بينما متوسط الاستهلاك العالمي 70 لترًا فقط، أي أننا نستهلك أكثر من ثلاث أضعاف المتوسط المقبول، وهو ما يكشف غياب الوعي بخطورة وضعنا المائي، وكذلك ضعف ثقافة ترشيد المياه.
رؤية المملكة 2030، تنبهت لخطورة الوضع، فكان أن وضعت حلولاً قصيرة وطويلة المدى لمعالجة وضعنا المائي، ومن بين هذه الحلول، البرنامج الوطني لترشيد استهلاك المياه «قطرة»، وهو أحد برامج مبادرات التحول الوطني 2020، المعني بتنفيذها قطاع المياه، حيث يسعى لترشيد الاستهلاك وضبطه بهدف تحسين وضعنا المائي، ويضع خططًا لتخفيض استهلاك الفرد إلى 200 لتر بحلول 2020 ثم 150 لترًا في 2030.
إلا أنه برغم أهمية ومحورية هذا البرنامج وعظم الدور المنوط به في مستقبل المملكة، لا يحظى بالدعم الإعلامي المناسب، حيث يعد تسليط الضوء على البرنامج من صميم عوامل نجاحه، لأنه يعتمد على رفع الوعي بترشيد الاستهلاك والوعي لا يأتي إلا بخطاب إعلامي قوي وواضح ومكثف.
لذا أتمنى أن تبادر مختلف وسائل الإعلام إلى المشاركة في التوعية بترشيد الاستهلاك عبر التعريف بالبرنامج من جانب، ومصارحة المواطنين والمقيمين بوضعنا المائي وأهمية التكاتف لمواجهته وتوفير مستقبل آمن للأجيال القادمة.