سلمان بن محمد العُمري
للمملكة العربية السعودية خصائص ومزايا ثابتة ودائمة تنفرد فيها عن جميع دول العالم، وهي منحة ربانية جعلت لها التميز والتفرّد، ولا يشاركها فيه أحد، ففي ربوعها جاءت الرسالة المحمّدية، وانطلق هديها وشعّ نورها، وفي أراضيها نزل القرآن الكريم، وفيها مكة المكرمة والمدينة المنورة، وإليها تهوي أفئدة المسلمين وأبصارهم ووجوههم في كل صلاة، وهذه الخصال والمزايا لم تتهيأ لأي دولة إسلامية أخرى ولا لأي بلد في العالم.
ومن نعم الله سبحانه وتعالى على هذا البلد المبارك أنها كانت ولا زالت البلد الإسلامي الأول في خدمة الإسلام والمسلمين، ودعم المسلمين وجمع كلمتهم، وأن يكونوا كالبنيان المرصوص، وكلما اشتدّت المحن والأزمات في بلدان العالم الإسلامي كانت بلادنا هي الملاذ الآمن، والأخ الأكبر الذي يلجأ إليه الجميع، وينشدون فيه الدعم والسند، والوقفات الصادقة بلا مزايدات ولا مساومات أو بهرجات إعلامية يراد منها الظهور ولفت الأنظار، وما من أزمة من الأزمات ولا كارثة من الكوارث إلا وكانت المملكة العربية السعودية السباقة، والأولى إنجاداً وإغاثة ووقوفاً وسنداً مع إخوانها وأشقائها، وما ينسحب على الدول العربية والإسلامية هو الآخر يمتد في المواقف الإيجابية إلى جانب الأقليات المسلمة والمجتمعات الإسلامية، فهي تقف مع المسلمين وقضاياهم بعقلانية وحكمة واتزان، ولوحدة الصف لا لشقها، ولجمع الكلمة لا لفرقتها، والوقوف بوجه كل الدعوات المشبوهة للنيل من وحدة الأمة، وتقديم كل ما من شأنه عزة الأمة وكرامتها، ورعاية كل المواقف النبيلة دون انتظار شكر وتقدير من أحد، لأنها المرجعية الأولى للإسلام وللمسلمين قولاً وعملاً.
ومن أقرب الشواهد الحيّة على ذلك الموقف الرسمي والشعبي لما حدث من العملية الإرهابية الإجرامية الدنيئة ضد المصلين في جامع النور في نيوزلندا، وممّا قاله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- في تغريدة عبر تويتر: «إن المجزرة الشنيعة في استهداف المصلين الآمنين بمسجدين في نيوزلندا، عمل إرهابي، وتؤكد مسؤولية المجتمع الدولي في مواجهة خطابات الكراهية والإرهاب، التي لا تقرها الأديان ولا قيم التعايش بين الشعوب. نسأل الله أن يرحم الشهداء الأبرياء، ويعجّل بشفاء المصابين».
هذه الكلمات المركزة تؤكد مواقف المملكة الثابتة وجهودها العظيمة في محاربة الإرهاب في داخل المملكة وخارجها، وأنها لم ولن تألو جهداً في ذلك على كل المستويات الداخلية والخارجية، وليس مكان هذه المساحة الصغيرة لذكر وحصر وتعداد تلك الجهود، ومواقف المملكة العربية السعودية هي مواقف ثابتة مع الحق وتبتغي بها وجه الله ووقفة مع مبادئ ديننا الحنيف الذي حرّم الظلم ويدعو للقيم والسلام والرحمة بين الناس.
نعم رحمة للعالمين ويجب على المسلم إذا خالط غير المسلم أن يكون معتزاً بدينه مظهراً له لا يجامل في ذلك أحداً، فلا مانع من التعاطي معهم في بيع وشراء، وإهداء وقبول ورد تحية امتثالاً لقوله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ.
والمملكة العربية السعودية -كما أشرت- ساهمت في الحد من الإرهاب بنشر الوسطية والاعتدال التي أمر بها ديننا الحنيف، وقد كان لها إسهامات دولية وإقليمية في الحد من تنامي الإرهاب، وكانت ولا تزال تعمل على تبيان صورة الإسلام الحقيقية ونبذه للعنف والإرهاب والتطرف، وتؤكد أن الإرهاب لا دين ولا وطن له، وأنه مما ابتلي به العالم في كل زمان ومكان، وأن على العقلاء دائماً التصدي لأصحاب الأفكار السيئة أينما كانوا.
اللهم ارحم الشهداء، واشفِ المصابين ورد كيد الأشرار في نحورهم