فوزية الجار الله
أسوأ ما يحدث لكاتب ما أن يحاول الحصول على معلومة ما من خلال «اليوتيوب» الذي يأتي عبر مقاطع فيديو تتراوح مدته الزمنية ما بين دقيقة إلى ساعة بأكملها وربما أكثر، فهو عدا أنه سيكون مستبداً يلتهم وقتك، لن تعجبك مفاجآته التي لن تقتصر على تلك الإعلانات المنبثقة بصورة مزعجة طوال الوقت بما يفسد عليك استمرار المتابعة، لكن علاوة على ذلك قد تفاجأ بأن هذا الفيديو لا يحوي سوى معلومات سطحية أو غير مؤكدة!
إن أردت أن تكون كاتباً محترفاً جاداً فلابد أن تكون قائداً، سيداً لوقتك، لمساراتك واختياراتك، وهذا يحرضني على حديث حول القيادة، لا أقصد هنا القيادة الإدارية للأعمال وإنما قيادة المركبة..
قرات مؤخراً خبراً عن حادث مروع في إحدى المدن في بلادنا كادت العربة أن تحلق فوق النفق، فقد ارتفعت عالياً ثم هوت إلى مدخل النفق مرة أخرى، والسبب -كما ذكر الخبر - هو انشغال السائق بالحديث عبر الهاتف الجوال. أتعجب لهؤلاء السائقين، فخلال تجربتي البسيطة حالياً في القيادة أرى أن السائق المثقف الواعي، حين تحتويه المركبة ويحتل جسده مقعد القيادة وبين يديه المقود، يصبح تلقائياً في حالة من خشوع وتبتل مثلما عابد في محرابه، يحدث ذلك لشدة ما ينبغي عليه السائق من اهتمام وتركيز لا يشغله شيء سوى كيف يعبر بأمان متتبعاً المركبات المحيطة به من الجوانب كافة، هذا ما يفرضه الضمير اليقظ تجاه مسؤوليته الاجتماعية..
من جانب آخر ثمة أمر يشغلني، في دول العالم كافة هناك رخصة قيادة وهي وثيقة يملكها الإنسان تثبت أهليته للقيادة، هذه الرخصة ينالها بعد مجهود يتضمن امتحاناً نظريًا وآخر عمليًا. لا أملك حالياً معلومات دقيقة حول مدى التشابه والاختلاف بين امتحانات القيادة في دول العالم، لكنني على يقين بأن ثمة اختلافًا.. الذي أراه أنه لا ينبغي أن يكون الامتحان النظري للقيادة حازماً متشدداً مثل الإتقان العملي للقيادة لأكثر من سبب، أهمها أن قائد السيارة قد يكون أمياً أو شبه أمي أو أن يكون مثلي كارهاً للامتحانات النظرية، فأنا لو كنت طالبة علم وخُيرت بين أداء امتحان واحد وتقديم عدد من الأبحاث العلمية لاخترت أداء الأبحاث بلا تردد، وسوف أؤديها بمنتهى السعادة والمتعة.
بعض الامتحانات النظرية تبدو بعيدة قليلاً عن المنطق أو تبدو محيرة إلى حد ما، على سبيل المثال: في أحد امتحانات القيادة النظري في إحدى الدول الإسلامية غير العربية، تضمن الامتحان أسئلة يتم الإجابة عليها بإشارة: صح أو خطأ..
ورد هذا السؤال: ماذا تفعل حالما تشرع في قيادة المركبة:
أولاً: تثبيت المقعد أو.. ثانياً: تثبيت المرايا. أو.. ثالثاً: التأكد من البنزين.
تبدو الخيارات محيرة، جميعها مهمة..
الجواب المنطقي هو التأكد منها جميعاً قبل الانطلاق، فلماذا الإصرار على أن يكون الخيار الأول: «تثبيت المقعد» هو الإجابة الصحيحة؟!