فهد بن جليد
الاتصال المباشر والصريح لغرض التوعية لم يعد أسلوباً مُجدياً، مُتماشياً مع البرامج التوعوية والإعلامية الحديثة، ثمَّة أساليب جديدة مبتكرة على المُشتغلين في المجال التعليمي والتوعوي الانتباه لها واعتمادها من أجل تحقيق الأهداف وإيصال الرسالة التوعوية المقصودة، وأهم تلك الأساليب والبرامج اليوم هو ما يعتمد على تفاعل الجمهور وتصحيح أفكارهم الخاطئة من خلال ما يعرف «بالإعلام التفاعلي» الذي يستهدف صغار السن تحديداً من أجل إقناعهم بضرورة اكتشاف حقائق محدَّدة والاقتناع بها وتبنيها والدفاع عنها بعد التأثر بها، وأهم المنَّصات التي يمكن أن تحدث مثل هذا التأثير والنتيجة هي الألعاب الإلكترونية، التي لا يجب تركها كمساحة «مستغلة» من قبل شركات أو منتجين يعملون ضمن أجندات معينة، وهي المساحة ذات التأثير المباشر والفاعل، بل يجب استثمارها تعليمياً وتوعوياً من قبل المؤسسات الوطنية بالشكل الصحيح.
سعدتُ كثيراً عندما دشَّنت هذا الأسبوع الجمعية الخيرية للطعام «إطعام» بمنطقة الرياض تطبيق أول لعبة إلكترونية تهدف لتعزيز جهود التوعية بأهمية الحفاظ على الطعام ومنع وصوله للنفايات، وتوصيله للمُستفيدين، «سفير الطعام» ليست لعبة سعودية إلكترونية مبتكرة فحسب، بل هي تحرك جديد للجمعيات والمؤسسات الخيرية لتقديم منتج توعوي يمكن تحميله من خلال تطبيق الأجهزة الذكية مجاناً، وهي وسيلة ولعبة غير تقليدية يحسب «لإطعام» إدخالها ضمن برامجها التوعوية والتعليمية التي تساعد النشء على فهم وإدراك أهمية حفظ النعمة، وجعل هذه المسألة قضية تحدٍ وإثبات للذات، والأجمل أن تعتمد اللعبة في صفحاتها وعناصرها ومراحلها على مسميات محلية «للمدن السعودية» ما يسهم في ترسيخ المفهوم أكثر ضمن البيئة المحلية.
كما تستحق «إطعام» الشكر على توجهها الجديد نحو التوعية المبتكرة بالإقناع، يستحق الداعمون أيضاً من القطاع الخاص الثناء على دعمهم وتبنيهم مثل هذه الأفكار البسيطة التي يحتاجها مجتمعنا في كثير من القضايا، التي ينتظر فيها دعم القطاع الخاص وحضوره، كجزء مهم من الدور الكبير والرائد الذي يضطلع به لخدمة المجتمع وتثقيفه وتوعيته، ولعلَّ التقليل من الهدر في الطعام خصوصاً لدى الفئة العمرية الأصغر التي تحتاج مثل هذه البرامج التفاعلية والتوعوية التي تساهم في تشكيل ثقافة الجيل الجديد بالتحفيز على الانخراط في الأعمال الخيرية وتغيير سلوكهم نحو الأفضل، هو خير مثال لحضور القطاع الخاص وتفاعله «كخطوة فاعلة» نأمل أن يكون لها الأثر في «خطوات أخرى».
وعلى دروب الخير نلتقي.