فضل بن سعد البوعينين
أُكمِلُ من حيث انتهيت في مقالة الأسبوع الماضي المعنونة بـ «ما لم يطلع عليه وزير الطاقة في الجبيل الصناعية ورأس الخير»؛ وأركز على ملفين أعتقد بأهميتهما القصوى؛ وارتباطهما المباشر برؤية 2030، وهما خفض معدل البطالة، وتحفيز المنشآت الصغيرة.
فمدينتي الجبيل ورأس الخير الصناعيتين؛ من أكبر التجمعات الصناعية؛ الأكثر خلقًا للوظائف، والفرص الاستثمارية المتنوعة، المحركة لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة؛ ومن الفترض أن تكونا قادرتين على تحقيق الأهداف الإستراتيجية في محافظة الجبيل الحاضنة لهما على وجه الخصوص؛ والاقتصاد الوطني بشكل عام. فالنخلة التي لا تظلل أرضها، ولا تُطعم أهلها؛ لا خير فيها، وإن كَثُر.
فبالرغم من كثرة الوظائف الصناعية النوعية الحالية، إلا أن نسبة البطالة بين الشباب والفتيات في محافظة الجبيل مرتفعة، وفي نمو مطرد، وهو أمر يحتاج إلى دراسات متخصصة لمعرفة الأسباب ومعالجتها، وإن كنت أعتقد أن آلية التوظيف مسؤولة عن ذلك. لا يمكن القبول بخلق مئات الآلاف من الوظائف النوعية في بيئة يعاني شبابها من البطالة. وعندما ترتبط تلك الوظائف بالشركات المؤثرة سلبًا في سلامة البيئة وصحة الإنسان، فمن الواجب أن تُعتمد كوتا التوظيف التي تضمن لأبناء البيئة الحاضنة نسبة من الوظائف التي يخلقها القطاع الصناعي، وهي فلسفة مطبقة في جميع دول الغرب، وأملنا في استنساخها محليًا لتكون بداية معالجة بطالة سكان المحافظة في أكبر وأهم سوق للعمل في المملكة.
والملف الأخير هو ملف دعم المنشآت الصغيرة؛ فقطاع البتروكيماويات هو القطاع الصناعي الثاني في الاقتصاد، وبرغم أهميته لم ينجح حتى اليوم في خلق قطاع منشآت صغيرة داعمة ومساندة له؛ بل أسهم في نشوء مؤسسات التستر وتضخمها. ما زالت ممارسات شركات البتروكيماويات الخاطئة قائمة برغم برامج التوطين، وشعارات دعم المنشآت الصغيرة. من المؤسف أن يتعرض الشباب والمبادرون لمنافسة غير نزيهة من مؤسسات التستر دون أن تتدخل إدارات تلك الشركات لمعالجتها ودعمهم بحس وطني يغلب مصلحة التوطين على ما عداها من مصالح أخرى. بل إن بعض الإدارات تتجاهل اعتراضات المنشآت المتضررة، بدلاً من معالجتها ما يتسبب في نمو ظاهرة التستر وتقاطع المصالح.
هناك حرب تُشن على المنشآت الصغيرة لتحييد أنشطتها؛ وحجب العقود عنها؛ ومن ثم إخراجها من السوق. مناقشة وضع المنشآت الصغيرة يحتاج إلى الاستماع من ملاكها الشباب حول مشكلاتهم وتحدياتهم؛ وحجم الرفض الذي يجدونه من الموردين الرئيسين؛ أو أقسام التوريد؛ وقصص بيع العقود أو استئجار الورش الصغيرة لتنفيذ عقود تحصلوا عليها دون أن تكون لديهم المنشأة القائمة على أرض الواقع.
«كوتا المشاريع» من الآليات المقترحة لدعم وحماية المنشآت الصغيرة. بحيث تخصص الشركات البتروكيماوية ما يقرب من 20 % من مشروعاتها المطروحة للمبادرين الشباب ومنشآتهم الكفؤة وبطريقة عادلة تمنع تركز المشروعات، وتضمن توزيعها بشكل واسع. إضافة إلى محاربة التستر، وتعزيز النزاهة في القطاع الصناعي، وفي أقسام التوريد على وجه الخصوص.