د. صالح بكر الطيار
تمر مهنة المحاماة بتحديات متعددة، ولعل من أهمها ما تمر به المهنة من دخول العديد ممن يسمون أنفسهم مستشارين ومحامين، مستغلين بذلك وظائف سابقة كان يشغلونها وعلاقات لا يزالون على قيدها مع العديد من المسؤولين..
وللأسف فإن الثقافة المجتمعية بشأن المحامين لا تزال قاصرة الفهم، ولم تصل إلى المستوى المأمول من التعامل مع الأكفاء من المحامين، إضافة إلى احترام المهنة وخصوصياتها.. وإني هنا لأشيد بجهود وزارة العدل في تتبع الأخطاء ورصد التجاوزات ومنع «الدعوجية» من التواجد في هذه المهنة الكبيرة، والتي تقوم على أسس متينة من الأخلاقيات والتعاملات، وتوظف الشرع، وتسهم في إعادة الحقوق لأصحابها وفي إحقاق العدل. ولكن المأمول أكبر بإبعاد الدخلاء على المهنة ورصد الأخطاء التي تسيء إلى مهن المحاماة، وتعطل مصالح المتعاملين والمحامين الذين يقومون بأعمالهم وفق أخلاقيات المهنة وأدبياتها.
وهنا أود أن أناقش أمراً مهمًّا يتعلق بالمهنة، وهو دخول بعض المحامين على زملائهم من خلال قبول تمثيل عملاء في قضايا ما زالت بين يدي زميل له، وقطع شوطاً كبيراً في القضية دون استلامه أتعابه، محاولة من العميل للتنصل من دفع الأتعاب المستحقة عليه، الأمر الذي تسبب في مخالفة الأخلاق العامة للمهنة وفي تضييع حقوق العديد من المحامين، ويتشارك فيه الموكلون الذين لم يحترموا كلمتهم مع المحامين، وكذلك أخطاء بعض المحامين، وعدم التزامهم بمواثيق المهنة التي يجب أن تحترم، وكذلك معنى الزمالة المهنية والاحترافية في العمل، والتي تستوجب عدم استلام قضية وهي موكلة لمحام سابق، وللأسف فإن هذا النوع من الأخطاء موجود وقد انتشر في الفترة الأخيرة، وأتمنى من المحامين وكل من ينتسب إلى هذه المهنة أن يراعي أساسيات الذوق العام وأصول المهنة والزمالة، وعدم التعدي على حقوق الآخرين وتضييع جهود زملائهم وحقوقهم بمجرد اتفاق جديد مع الموكلين الذين يجب أن يلتزموا بالتعامل الأخلاقي مع المحامين، وأن يعلموا خطورة ما قاموا به وانعكاسه على مستقبل قضاياهم وعلى سلب حقوق الآخرين.
هموم كثيرة تواجه المهنة العريقة، والتي تساهم في نشر الحق ومحاربة الباطل، وفي إعانة أصحاب الحقوق وردها لأصحابها، ووقف الأخطاء، وكلي أمل من وزير العدل المشهود له بالكفاءة والعمل الجاد المثمر، أن يوجه برصد مثل هذه التجاوزات، ومنع الدخلاء من اقتحام مهنة المحاماة العظيمة، وأيضاً منع المتلاعبين من الاحتيال على الموكلين وتضييع حقوق زملائهم.