فهد الحوشاني
من الطبيعي أن يطلق الإرهابيون شعار (الموت لأمريكا) أو ما يشابهه من الشعارات فذلك يعتبر ضمن سياق العداء المستحكم بين الطرفين ونتيجة طبيعية لمساهمة أمريكا في محاربة المنظمات الإرهابية! فالولايات المتحدة الأمريكية تقود منذ سنوات حربًا بالتعاون مع دول تنبذ الإرهاب وتحاربه وفي مقدمتها المملكة وحققت إنجازات كبيرة حتى تم كسر شوكة القاعدة وداعش في كل من اليمن وسوريا والعراق، لكن من غير الطبيعي أن يكون هذا شعارًا تردده دولة ضد دولة أخرى! وهذا ما تفعله إيران وتروج له بين شعوب العالم ضد أمريكا وشعبها! فلقد أصبح شعارًا للدولة الإيرانية وأحزابها ومليشياتها تفتتح به الفعاليات الغوغائية التي تقيمها وتختتم به ويرفع كشعارات مكتوبة ومنطوقة يرددها المبرمجون في كل أرض تغتصبه وتستولي عليه الثورة الإيرانية التي لا تريد أن تهدأ، فالواضح أن الثورة لم يكن هدفها إسقاط الشاه فقط بل إن لها أجندات أخرى، ولن تكتفي بالاستيلاء على مقدرات الدول العربية والإفريقية، بل إن الحلم الإيراني يأمل صانعوه بالاستيلاء على العالم من خلال تسويق المذهب السياسي الصفوي الذي يستخدم المذهب الشيعي غطاء له! مثل هذا الشعار (الموت لأمريكا) عندما تتبناه دولة بمليشياتها وإعلامها ومنابرها يصبح من الخطورة بمكان لأنه يهدد الأمن والسلم العالمي! ولأنه شعار تحريضي عدائي ليس معهودًا بين الدول بهذا الترويج المكثف، خاصة وإنه ينطلق جهارًا من أعلى سلطة إيرانية، فمن خلاله يتم تجييش المشاعر وحشدها ضد الأمريكان دولة وشعبًا! وفي حين تحاول الأمم المتحدة بسط السلام والوئام بين دول العالم فإن هذا الشعار يمثل العقلية الإرهابية والمليشاوية التي تسيطر على الحكم في طهران ولا يتسق مع أي من مبادئ المنظمة الدولية! والخطورة الأكبر أنه لم يعد حكرا على إيران وسياستها وشعبها الذي أصبح يردده في كل مناسبة، بل إنه امتد إلى شرائح كبيرة من الشعوب في دول مثل العراق واليمن ولبنان وقريبًا سيسمع صداه في دول إفريقية!! فالمليشيات التي أنشأتها إيران لزعزعة الأمن العربي والإقليمي تردد صدى ما يقوله الساسة في إيران، فالموت لأمريكا نسمعه من الحوثيين ومن حزب الله ومن المليشيات الإيرانية في العراق!! وصمت أمريكا عن هذا الشعار الخطير، قد يعود لاعتقاد أنه مجرد شحن الجماهير بالشعارات الاستهلاكية التي ترسخ لاستمرارية الثورة وتصديرها، أو أنه لمجرد البحث عن عدو خارجي لإبعادظر الشعب الإيراني عن معاناته، لكن هذا الصمت ليس في محله وسيكون لمثل هذه الشعارات ثمارها السيئة عاجلا أو آجلا! ومن يدري لعل ذلك وبشكل غير مباشر هو ما يشحن بعض المتعاطفين في الدول الأوربية على حمل السكاكين وغيرها! فتلك الشعارات تشحن الشعوب الإسلامية ضد أمريكا وشعبها هذه هي الحقيقية!! وفي كل خطاب شعاراتي حماسي ينطلق من طهران أو من الضاحية الجنوبية في لبنان ينطلق الموت لأمريكا ولا يخلو الأمر من الربط بين أمريكا والمملكة! ولا عجب فالسعودية تتمتع بعلاقات تاريخية مع أمريكا ومع كل الدول المتحضرة والمحبة للسلام.. والسعودية شريك في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الإرهاب! وهي أيضًا شريك أساسي في تجريم المليشيات سواء في لبنان أو غيرها، وأفشلت وعرقلت المشاريع التوسعية والحلم الفارسي في اليمن والبحرين! والسعودية حاضرة في كل اجتماع تعد له الدول الكبرى لحل المشكلات والنزاعات وإطفاء النيران التي تشعلها إيران ومليشياتها! ومن الطبيعي أن توجه لنا في المملكة سهام دولة جرائمها الإرهابية لم تسلم منها دول عربية ولا غربية! وستبقى هذه العلاقة المميزة بين السعودية وأمريكا وكل دول العالم المحبة للسلام تجلب للإيرانيين الغضب! كيف لا وهم يرون أنهم مقاطعون ومحاصرون! السعودية لا تطلق شعارات عدائية ضد الدول حتى تلك التي تختلف معها بل تتعامل بحسب الأعراف السياسية والدبلوماسية ووفق القوانين الدولية! نتمنى من الإدارة الأمريكية ومن السيد دونالد ترامب استكمال الجهود التي تصب في مصلحة السلام العالمي، ومن الدول الأوروبية أن تساهم مع أمريكا لكبح دولة مارقة تدعم الإرهاب وتعرقل مساعي السلام التي تخص القضية الفلسطينية وتحتضن بعضًا من زعماء القاعدة وتزعزع الأمن العربي والإقليمي.