ناصر الصِرامي
أثناء تنفيذ الإرهابي حادثة مسجد مدينة كرايست تشيرش في نيوزيلندا الجمعة الماضية، الذي قتل فيها 50 شخصًا وأصاب آخرين. صور المسلح ما يحدث وبثه مباشرة عبر فيسبوك.
قبل ذلك بأقل من نصف ساعة على هذا الهجوم، نشر في «منتدى» خاص باليمينيين المتطرفين، رسالة تشمل روابط لصفحة الفيسبوك الخاصة بالمنفذ الإرهابي، حيث أعلن أنه سوف يظهر في بث حي، إضافة إلى نشر وثيقة تنطوي على خطاب كراهية، بعدها بثت الهجمات مباشرة عبر فيسبوك، ويوتيوب، ولتنتشر بشبكات التواصل.
لينطلق مع ذلك سباق محموم بين صفحات التواصل الاجتماعي لحذف ذلك المحتوى، لكن أعيد نشره بطرق لم يعد من الممكن التحكم فيها بمراقبة كاملة أو سيطرة على ما ينشر ويبث. ليجد طريقه إلى الصفحات الأولى لعدد من أكبر حسابات المواقع الإخبارية، ولتقوم بنشر أجزاء من الفيديو وسائل الإعلام العالمية والمحلية حتى الآن!
لقد حاولت المنصات العالمية الكبرى مثل تويتر، وفيسبوك، ويوتيوب، أن تضع رقابة أو حد لنوعية الصور والمحتوى مع هذه الحادثة الإرهابية، لكنها فشلت في ذلك!
وقال فيسبوك: «نبهتنا الشرطة النيوزلندية إلى فيديو على فيسبوك بعد بداية بث حي بقليل، وبالفعل حذفنا حساب منفذ الهجوم والفيديو».
وأضاف بيان الشركة: كما نتعهد بحذف جميع أشكال الدعم والإشادة بمنفذ أو منفذي الهجوم بمجرد علمنا بوجودها. وسوف نستمر في التعاون مع الشرطة النيوزلندية بشكل مباشر في كل الإجراءات والتحقيقات الخاصة بالحادث.»
وقال يوتيوب عبر تغريدة على حساب تويتر: «نعبر عن بالغ أسفنا، ونعمل بكل يقظة من أجل حذف الفيديو العنيف.»
ومع حمى نشر الصور والفيديو العنيفة، حاول متطوعون ونشطاء توعية المستخدمين بضرر نشر مثل هذه الصور الفظيعة، والمحتوى المتطرف، وما حملته هذه المواقع من تعليقات تتضمن الكثير من الحقد والكراهية من اليمين المسيحي المتطرف، إضافة إلى الصراع الإلكتروني عبر شبكات التواصل الاجتماعي بين متطرفين ومعتدلين، ومتطرفين ومتطرفين من الجهة المقابلة، ارتفعت درجة حرارة اللقطات العنيفة من ذلك الحادث، وزادت التجاذبات المتطرفة بشكل مقرف.
ورغم دعوات وحملات تنادي بالتوقف عن مشاركة ذلك المحتوى، أو إعادة نشره، ورغم البلاغات العديدة جدًا عن هذا الفيديو، والاستجابة السريعة لها من قبل المواقع، لكن أعداد وسرعة من استمروا في نشرها على يوتيوب -مثلا- كانت أكبر من قدرة «يوتيوب» على مجاراتها.
والنتيجة النهائية أنه لم تنجح هذه المنصات، ولا الحملات التوعوية في الحد من نشر المحتوى الإرهابي، الذي انطلق لكل الأجهزة الذكية في العالم!
في الإعلام ، وقبلها منصات شبكات التواصل الاجتماعي تبدو السيطرة والتحكم ليست ممكنة في تحديد أو تهذيب أو وضع معايير أخلاقية أو إنسانية أو مهنية للمحتوى.
المؤكد الآن، أن كل شيء أصبح لحظي ووقتي ينقل للعالم، إلى الجيوب والأيادي التي تحمل الهواتف المتنقلة والمشبعة بكل التطبيقات والمحتوى دون استثناء، وإمكانية البث والتواصل مع العالم، كل العالم دون رقابة أو تحكم أو خصوصية، بغض النظر عن مشاعرك عما ينقل أو يصلك من لقطات أو محتوى.
هذه الحقيقة المؤكدة الآن مع شبكات التواصل الاجتماعي اليوم والإعلام الذي يسير في ظلها، وأيضا بغض النظر عن حكمك أو موقفك الشخصي!