أحمد المغلوث
يعيش العالم حالة من الاستنكار حتى اليوم احتجاجًا على الجريمة البشعة والنكراء التي وقعت يوم الجمعة الماضي في «نيوزيلندا وفي مسجدين كان عباد الله يؤدون خلالها صلادة الجمعة في هذا اليوم الفضيل والمبارك، فكانت جريمة أثارت حفيظة كل من شاهد صورها أو سمع عن تفاصيلها المؤلمة. وخلص رجال الأمن في نيوزيلندا على أنه تم التخطيط لها بصورة دقيقة ومدروسة، وبالتالي فهي جريمة بشعة تكاملت فيها مختلف عناصر الإدانة، من سبق الإصرار والترصد والتحضير، بل ومعها جرأة ممجوجة ووقحة حيث قام مرتكبها بتصوير جريمته «الإرهابية» لحظة بلحظة دون وازع من ضمير. والمؤسف أن ظاهرة الإرهاب وموجاته المختلفة التي راحت تنتشر في السنوات الأخيرة في كل مكان من دول العالم، فراح يغرب ويشرق في حياكة جرائمة الوحشية مع ممارسة عربداته الدموية بشتى الاتجاهات وفي مختلف أماكن العبادة في هذه الدولة وتلك. والسؤال الدائم الحضور بل والذي يقفز أمامنا بعد وقوع عملية إرهابية، مَن يقف خلف هذه العملية أو غيرها؟، ومَن دعَّمها وموَّلها، وحتى مَن غسل أدمغة من انخرطوا في تنظيماتها المختلفة والتي راحت في السنوات الأخيرة تتوالد مثل الفيروسات المميتة.. هناك من يحمِّل بعض الأنظمة التي باتت معروفة والتي يهمها أن تدق إسفين الإرهاب وتزرع بذوره في كل مكان من أجل أن تستمر ظاهرته القبيحة بصورة دائمة.. لأهداف باتت واضحة للعيان ولكل إنسان حصيف في هذا الكون الواسع. فالإرهابي الذي ارتكب مجزرة مسجدي نيوزيلندا سافر لدول عدة وصور بعض مما لديه من «ترسانة» الأسلحة والتي استخدم بعضها في جريمته ضد المصلين من المسلمين الذين كانوا يظنون أنهم آمنين في صلاتهم.. في دولة اتسمت -والحق يُقال- بالأمن والاستقرار. ولكن أذناب الإرهاب وعناصره الذين يواصلون أعمالهم الإرهابية في حق البشرية في كل مكان لا يشعرون بما يشعر به كل إنسان. فهم نوع آخر من البشر دون مشاعر ولا أحاسيس، فهم من نار «إبليس» الذي لعنه الله إلى يوم الدين، فمصيرهم مصيره وبئس المصير.. لقد شاهدت وشاهد الملايين غيري «صور الموت الطازج» لضحايا المجزرة.. وعلى أي حال، كل ممارسات ومجازر الإرهابيين لن تستطيع أن توقف عجلة الحياة، أو تمنع مسلمًا أو غير مسلم من ممارسة عقيدته وديانته. وإذا كان الإرهاب ومَنْ يقف خلفه يتصور أنه يستطيع مواصلة إجرامه في حق البشرية فهو غبي وساذج، فلا يصح في عالمنا إلا الصحيح، والعالم يقفجانب الأمن والاستقرار والسلام. فإلى متى يستمر كل إرهابي غواه الشيطان أو نظام لعين هدفه نشر الرعب والموت بين الشعوب المسالمة التي تبحث عن الحياة يا أعداء الحياة. لقد هزت صورة المواطن السعودي (محسن المزيني) -الذي كان مسئولاً في المركز الإسلامي والذي أصيب في المجزرة الوحشية وكان يرفع سبابته بالشهادة خلال نقله إلى المستشفى وبعدها استشهد ورحل إلى رحمة الله - ضمير كل من شاهدها، كما هزت صور المجزرة الأخرى نفسها قلوب الجميع ودفعت العالم إلى الاستمرار في الاستنكار لما فعله الإرهاب القبيح. استنكار سوف يستمر للأبد، في ذاكرة التاريخ، وقبل هذا في ذاكرة وأحزان أبناء وأحفاد وأسر من توفاهم الله في هذه المجزرة.. رحمهم الله وأسكنهم فسيج جنانه. و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.